[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الرحمن المطيري[/COLOR][/ALIGN]

طوال عقود مضت كانت السخرية حاضرة، كنتيجة حتمية لانتفاء تحقق المُراد بالطريقة المعتادة، أو واقعاً طويلاً لم يتغير غير مرضي عنه، لذا هرب العرب قديماً إلى السخرية مما يحدث من حولهم كنوع من ( التنفيس ) عن صدورهم التي إمتلأت خيبة حتى لا يموتون قهراً، وهم أكثر خلق الله تعلقاً بالحياة، أحسبهم كذلك والله حسيبهم ! وهناك فرق كبير بين السخرية والإستهزاء، فالأولى رغم ألم صاحبها فهي تتكون وتتشكل لتصبح نتيجة ذلك فناً جميلاً يقوم بنحت إبتسامة طويلة على شفاه كل من هو على مقربة من ذلك الصاحب المكلوم، أما الأخيرة فنعوذ بالله منها ونبرأ، ففيها إجحاف و ظلم للطرف المستهزىء به ينهى عنه ديننا الحنيف . إذا ما ساقك قدرك يوماً لزيارة مدينة الزلفي صاحبة المطلات الخلابة والمزارع الشاسعة التي تحيط بها فعليك الإحتراس من زيارة مشفاها العام ! لم يذكر التاريخ أن مفردة مسلخ قد يحدث بينها وبين مفردة مشفى أي تزاوج , فالمسلخ يوجد به مجموعة من الجزارين واجبها الفتك بالضحايا وإراقة الدماء أما المستشفى فتسكنه ملائكة الرحمة التي وضعت من أجل مساعدة المرضى وعلاجهم، كما كانوا يقولون لنا في المرحلة الإبتدائية, لكن أهالي الزلفي قد جمعوا كلا المفردتين بل و زادوا على ذلك بعمل العديد من التصاميم التي تسخر من المستشفى وواقع مدينتهم الصحي ونداءاتهم المتكررة التي لم تجد لها أذان صاغية من قبل وزارة الصحة . ففيما مضى كانت إدارة المستشفى تنسب فشلها لمبنى المستشفى المتهالك أما الأن أي عذر تستطيع الإدارة أن تقدمه ؟ فالمبنى الذي تم تسليمه منذ سنوات قليلة يقع على مساحة كبيرة ومصمم بطريقة جيدة ويحتوي على ما يحتاج إليه المواطنون من أجهزة طبية , فأنا أعرف عدداً من الأشخاص الذين تضرروا من دخولهم هناك وخرجوا مشوهيٌ الأيدي بعد أن كانت المشكلة مجرد كسر بسيط , أحدهم ساوى مرفقه كتفه ! وهنا أتحدث عن فشل ذريع لقسم واحد هو قسم العظام، وقس على ذلك بقية الأقسام الأخرى . إن إشكالية مستشفياتنا الحكومية بشكل عام تكمن في الإدارة، مديراً عاماً ومديراً طبياً ومديراً لعلاقات المرضى حتى تصل للوزارة نفسها المسؤولة أولاً وأخيراً عن الواقع الصحي في المملكة, لذا لا يُلام أهالي الزلفي أو غيرهم من بعض المدن إن سخروا من مستشفاهم فلقد بُحت حناجرهم ولا أحد يصغي .
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *