[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

إذا أردت أن تحكم على مستوى الأداء الذي تقدمه البلدية – أي بلدية – فانظر إلى الحي الذي تسكن فيه – راقبه جيداً لسنة واحدة فقط – وتأمل في الايجابيات والسلبيات المتعلقة بنشاط هذه الإدارة المهمة في حياة الناس , ثم بعد ذلك اعط قرارك في حيادية خالصة , من دون عواطف أو تشنج , وبدون ظلم أو تجن على الآخرين .
وفي حال \” أمانة جدة \” باعتبار أننا شهود عليها حيث نحن ممن تستهدفهم بخططها وفي النهاية نحن وجهاً لوجه أمام مخرجاتها , فإنني – كمثال – أجد أن السلبيات تزيد على الايجابيات بكثير .. فالشوارع متخمة بالحفر الوعائية التي صارت علامة فارقة لجدة , أما السفلتة فان \” حالتها حالة \” هزال وتعب وشحوب , وإذا تمت فإنها لا تصمد حتى أمام مياه غسيل المطاعم الرابضة على جنباتها والمنهمرة إليها يومياً بلا حسيب أو رقيب , حتى لكأن تلك الشوارع \” بسكويت \” لا \” أسفلت \” .. كما أن حالة الإضاءة في أعمدة الحي تكون بحسب التساهيل \” يوم مضاءة \” و \” عشرة – لا \” .. ونظافة المطاعم والبوفيهات ومحلات الحلاقة هي مما يمكن أن \” تتحدث عنه ولا حرج \” .
كما أن من يريد من المواطنين الأعزاء أن يزرع أمام بيته العامر مطبات اصطناعية \” بحسب مزاجه – هو \” فانه \” يفعل ولا حرج \” .. ومن يريد أن يتخلص من الأوراق والصحف وما في حكمها فإنه لا يجد حاويات خاصة تكون بعيداً عن حاويات النفايات , التي لا يجوز أن نلقي فيها ما فيه اسم الجلالة , ومن يمني نفسه برؤية تشجير وخضرة في الجزيرة الوسطية لشوارع حارته فإن عليه أن يوقف ذلك الحلم إلى أجل غير مسمى وإلا سيصاب بالضغط والسكر , كما أنه من غير المناسب أن نزيد الهمّ همّاً بفتح ملفات البعوض والذباب والفئران والمقاهي الشعبية وتراكم النفايات بجانب الحاويات.
ومن كبرت أحلامه وتصاعدت أمنياته ليتوقع أن يرى بعض المجسمات الجمالية في مدخل حارته فإن عليه أن يسأل أولاً عن دواء يعالج أحلامه المنبعجة من حافه جبهته , ربما كحالة مرضية أصيب بها وهو عائد من زيارة إلى \” بلاد بره \” تلك التي تماهت كثيراً مع ثقافة المجسمات والإبداعات البلدية الجمالية .
ومن أراد أن يواصل الاستماع إلى مسلسل الأحلام \” البلدية \” الوردية , وعلى هذا النسق الإفلاطوني الذي يعد غريباً على بعض بلدياتنا , فإن عليه أن يدعو لي – أولاً – بالشفاء من هذه \” المثالية الافلاطونية \” .. ثم لابأس أن يقول لي \” أهل العقول في راحة \” ؟
إن الخدمات البلدية كما نتوقعها هي كتلة مترابطة , ولعلها تشبه \”قلادة بهية متدلية من عنق حسناء , حيث كل خرزاتها براقة , جذابة , وعليها طلاوة وتناغم \”, لا أن تكون أربع أو خمس خرزات منها جميلة والبقية الأكثر عدداً مكسرة وصدئة ومتآكلة , ونظن أنه لا يكفي أن يفخر ويفاخر المسؤول الأول في البلدية بأنه أنجز مخططاً جميلاً لجزء من الكورنيش البحري مثلاً , أو أنه افتتح قبل ثلاثة أشهر حديقة عامة , أو قام برصف بعض الشوارع وسفلتها .
كل هذا ليس عملاً حقيقياً شمولياً ولا هو أداء كامل , أو حتى نصف أداء للأمانة والمسؤولية , هو في أحسن الظروف – وكما يقول إخواننا المكيين – عبارة عن \” تصبيرة \” ونحن الأهالي لا نريد هذه الـ \” تصبيرة \” .. بل نريد وجبة طعام كاملة وصحية , وإلا فلا ؟ .. لأن لدينا من الكفاءات والعقول والامكانات ما يجعلنا نعانق السحاب فعلاً وتفاعلاً وتوهجاً.
أظن أن كلمة السر في ضعف الخدمات البلدية في جدة – وربما في غيرها من المدن الأخرى – هو \” الضعف الإداري \” .. ولو تم معالجة هذا السبب لرأينا ليس الجديد والجيد فقط , بل والعمل \” الإبداعي / الاستثنائي \” الذي يمكن أن نتباهى به محلياً وعربياً, ونقول عنه بحق وحقيق \” جدة – غير \”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *