مساعد الرشيدي في ذاكرة المغردين

• عبدالرحمن آل فرحان

أدوات بناء العلاقات الإنسانية لا يمكن شراؤها أو استعارتها أو حتى تصنعها ، فقط تحتاج من يستدعيها بحق وصدق من أعماقه ، فالمحبة مثلاً لا يمكن لنا التظاهر بها إن لم تكن بحق ثمرة من ثمار أرواحنا بحق ، فهي من تجعل واحدنا يتجلى في كل إنسان كما يقول المفكر اللبناني كمال جنبلاط .

أو هي ” ما تمحو من النفس صورة المجد والجاه ، والفضيلة والرذيلة ، والطموح والحسد ” كما قال الشيخ الأديب علي الطنطاوي، يرحمه الله ، فبه نرى أنفسنا بذات الطريقة التي نرى فيها غيرنا .. وبه نرى غيرنا بالقدر الذي نرى فيه أنفسنا.

صحيح أن علاقتنا الاجتماعية ليست ببساطة اللوحة التي نرسمها ، نختار لها الألوان التي نريد ونحدد لها الإطار الذي يحدد أبعادها ومداها ، إنها أعمق من ذلك بكثير ، ولكنها في ذات الوقت ليست بالسريالية المعقدة ، بحيث يصبح من العصي على الإنسان أن يبني علاقة جيدة مع الآخرين ، كل ما في الأمر أن يكون المرء حسن المعاملة مع الناس وكفى ،

وستتولى الأيام صناعة الباقي ، إنها أداة بسيطة جداً لا أخالها قد فاتت شاعرنا الراحل مساعد الرشيدي طوال حياته ، بدليل أنه حينما استفاق الناس على وقع رحيله الناعم كانت تلك الخصلة أول الحاضرين في ذاكرة محبيه وأصدقائه وكل من تعامل معه.

ففي الليلة التي قرأت فيها خبر وفاة الشاعر الكبير مساعد الرشيدي عليه رحمة الله عبر تويتر ، أدهشني الظل الذي تركه الرجل في ذاكرة المغردين ، هناك من ينتقي أجمل أبياته ليودعه بها ، وآخر يغرد بصوره وثالث بمواقفه ، وكأن الراحل، يرحمه الله، قد أعد العدة لهذا المارثون الرثائي في سيرته.

لا يوجد أجمل من تكون حاضراً بين الناس أثناء غيابك ، يتناول الجميع اسمك بحماسة بالغة ، وكل من حضر لديه ذكرى جميلة معك ويود مشاركة الآخرين بها ، ذلك هو في ظني ما يمكن تسميته بحصاد الخير ، يقول أنيس منصور : اصنع الخير ؛ لأنه هو الشيء الوحيد الذي لا يغيب معك حينما تغيب ”

Abha/Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *