[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د .رؤوفةحسن[/COLOR][/ALIGN]

الاستماع الى الراديو هو النعمة الوحيدة التي يمنحها الزحام ونحن نقود سياراتنا في الطرق المليئة بكل ماركات وأنواع السيارات في صنعاء .فعندما أقود سيارتي لا أفتح المسجل إلا نادراً .وفي تلك الأمسية الأسبوع الماضي ليلة الخامس والعشرين من الشهر الميلادي، ولإن المطر كان غزيراً فقد كان السير بالعربة وكأنه على الأقدام لولا المذيعة ليلي من اذاعة جدة والمذيع عبد الكريم من إذاعة صنعاء يخبران أمثالي من المستمعين إن المحطتين ستقدمان على الهواء مباشرة حواراً يجمع بين الدكتور سيف العسلي الأستاذ بجامعة صنعاء وبين الدكتور زهير الطاهر والدكتورة أميرة الكشغري من جدة .
وفجأة وأنا استمع للحوار الممتع نسيت الانزعاج من الزحام، وذهبت الى ساحات مدريد ومبادرة الملك عبدالله بن عبد العزيز لإقامة مؤتمر الحوار بين الحضارات .
صنعاء وجدة :
قالت الدكتورة أميرة كلاماً يشبه في بعضه كثيراً من النقاشات التي تدور في صنعاء في أوساط المثقفين، وقالت كلاماً جديداً آخر تمنيت معه لو كان كثير من المهتمين في صنعاء وجدة والمدينة وعدن سمعوه .ربما مثلي حالفهم الحظ وفتحوا الإذاعة في الأمسية الجميلة لتجتمع معاً صنعاء وجدة في حوار راقٍ مشترك يستحق الاستماع .
ولأنني أعرف الدكتور سيف العسلي الذي كان سابقاً وزير المالية في اليمن والمعروف دوماً بفكره الاقتصادي والفلسفي فإن ما طرحه لم يكن جديداً علي .أما الأخوة من السعودية الذين شاركوا في الحوار فقد كان في بعض أطروحاتهم كثير من الأمور التي تستوقف أمثالي للتأمل وغمس القلم في محبرة تبحث عن مساحة للتعارف والتعريف بقلب مفتوحة كل نوافذه، ومشرعة على بحر يمتد من باب المندب حتى يلتقي بمياه البحر المتوسط .
ففي مالم يكن جديداً كثير من التوافق ونقاط الالتقاء، وفيما كان جديداً كثير من الدهشة لجمال الكلمات وخصوبة الأفكار .يتم الحوار بين الحضارات في مدريد وأنا أتعرف قليلاً قليلاً على أصوات تمد مساحة للحوار مع الجيران .
الحوار والهوية :
تطرق المتحاورون لكثير من القضايا تتعلق بالأنا و بالآخر، العولمة والهوية وتهم الإرهاب وتشويه الصورة وتثبيت الصور النمطية .ولأننا في صنعاء وخاصة في المؤسسة التي أديرها في اليمن نعمل كثيراً على موضوع الهوية، فقد كانت متعتي بهذه الساعة الإذاعية كبيرة .
ففي الوقت الذي تتحاور فيه الحضارات، كثير من الحوار يجب أن يتم بيننا عن هويتنا وتصوراتنا لأنفسنا .وفي نفس الوقت الذي نذهب فيه بعيداً للحوار مع من يملك ديناً مغايراً وحضارة مختلفة، نحتاج الى أن نعرف القريب صاحب اللغة المشتركة والفكر والدين الواحد .
ففي تاريخنا القديم كما في تاريخنا المعاصر فترات من التاريخ كانت فيها مساحات الجفاء أكبر من مواقع الود واللقاء .وحان الزمان الذي نعيد فيه النظر في المسلمات التي سيطرت على أفكارنا حول الآخر القريب كي نصبح أقوى في حوارنا مع الأبعد .
[ALIGN=LEFT]raufah@hotmail .com[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *