الأطفال نعمة من الله يُنعمها على الأبوين، ويشعر بنقص هذه النعمة من حُرم منها، وكل نِعْم الله تحتاج إلى اهتمام ورعاية وإلاّ ستزول أو تتحوّل إلى نقمة مع الأيام، فالله يُعطينا ويختبرنا وينتظر منا الحمد والشكر ليبارك فيما منحه لنا. البعض ممن يمنّ الله عليهم بالأطفال لا يقدّرون ذلك ولا يهتمون بأطفالهم كما يجب، ولا يقومون بواجباتهم كاملة تجاههم ما يعرّضهم لأمراض عضوية ونفسية قد يصعب علاجها إذا لم ينتبه لها الأهل، وقد تكبر معهم تلك الأمراض وتكون سبباً في خلل شخصياتهم للأبد، البعض قد يهمل كثيراً والبعض الآخر يكون حريصاً لدرجة مرضية، ففي كل العلاقات الإنسانية لا بد من الاتزان في التعامل فلا إهمال ولا مبالغة في الحرص والاهتمام، فمثلاً يتكرّر مشهد إهمال الأطفال مع المربيات في البيوت والأماكن العامة في حين أن الأم تستمتع بوقتها مع صديقاتها غير مبالية بما قد يتعرّض له أطفالها من معاملة غير لائقة أو قاسية من المربيات، أما الأب فيكون بعيداً كل البعد عن أبنائه وتربيتهم، فبعض الآباء لا يتواصلون مع المدارس ولا يعلمون ما هو مستوى أطفالهم الدراسي وما هي سلوكياتهم مع أقرانهم، فقد يكون الطفل عدوانياً أو انطوائياً وأهله يجهلون ذلك، فانعدام القدوة في البيت والتوجيه الصحيح يجعل الطفل يقتدي بما يراه في البرامج التلفزيونية أو شبكات التواصل الاجتماعي وغالباً لا تكون القدوة حسنة، وعدم مراقبة الأطفال عن قرب ومعرفة كل تفاصيلهم يكوّن فجوة بين الأبناء وآبائهم تُخلّف سلوكيات غريبة من الأبناء فيكون لهم عالمهم الخاص الذي يخفونه عن آبائهم في حين أنهم لا يميّزون بين الصواب والخطأ وقد يرتكبون أخطاء فادحة ولا يجدون من يصوّبهم!
كما أن بعض الأهالي يعوّدون أبناءهم على عادات سيئة ليتخلصوا من إلحاحهم وطلباتهم وأسئلتهم الدائمة فمثلاً يشغلونهم بالأجهزة الإلكترونية دون مراقبة ما يتابعون، أو قد يقدّمون لهم كل ما يطلبونه من طعام أو حلويات وألعاب دون تقنين ما يعرّضهم لأمراض مثل السمنة والسكر وغيرها من الأمراض النفسية فتتشكل شخصية الطفل على الطمع والعناد والتمرّد والتنمّر فيصعب التعامل معهم، وعوضاً عن مواجهة المشكلة ومحاولة حلها باللجوء مثلاً لطبيب نفسي أو على الأقل الاطلاع والقراءة في هذه المشكلة فيتخبطون في التعامل مع الطفل وتسيء تصرفاته وأخلاقه.
تربية الأطفال مسؤولية كبيرة فهم الجيل القادم الذي سيبني المستقبل، وعلى الأهل الاعتناء بأبنائهم ومراقبة سلوكياتهم ومحاولة تقويمها قبل أن تتفاقم المشكلة وتتحوّل إلى مرض، ويجب أن تكون العلاقة بين الأهل والأبناء علاقة صداقة وأن يتعوّدوا على لغة الحوار والتفاهم وأن يحكوا لأهلهم تفاصيل يومهم وقصص أصدقائهم ليستشفّ الأهل سلوكيات وتفكير أبنائهم ويكونوا على علم بأي تغيّر قد يطرأ عليهم!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *