[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أنس الدريني[/COLOR][/ALIGN]

حتماً للحي وخصوصيته بالغ التأثير في سلوك الأفراد وطريقة تفكيرهم، فالحوارات والمشاهد التي تختزنها ذاكرة سكان الحي عن الماضي الجميل هي في مجملها عناوين رئيسية من قصص التناغم مع طبيعة الحي فهم في أغلب الوقت متقاربين مترابطين يعرفون خبايا الأحداث وأسرارها. ولأن القصص الغرامية ولاّدة من هذه الخبايا فقد ظل تأثيرها كبيرا بين الأقران من الفتية والفتيات حتى بعد مضي عمر مديد على حدوثها.
وهنا بإمكاننا القول بأن روابط الجيرة على حد الخصوص كانت سببا في نشوء ظاهرة التعلق بصبايا الحي وبالأخص بنت الجيران لترسم هذه الظاهرة ملامح بنت الجيران في ذاكرة أغلب الشبان في حكايات (بريئة) طبعت في ذاكرة أيامهم وندر أن تجد شاباً لم يخالجه شعور الافتتان ببنت الجيران..شخصياً لم أجد تفسيراً لهذه الحالة ولكن قد تكون دواعي الحب من النظرة الأولى هي السبب. فالمعروف أن الإنسان عندما يخرج من سن الطفولة إلى سن المراهقة وخصوصا مرحلة المراهقة المتوسطة والأولية يكون في هذه الفترة أكثر انجذابا للجنس الآخر.
أحد الأصدقاء واسمه مروان تداعت له قصة من هذا النوع في صغره مع حبيبته الصغيرة لبنى، أراه اليوم وهو يتحدث عن ذكرياته معها متأرجحاً في طريق وصوله إلى أقصى ذاكرته المحملة بالأحلام المفقودة.
يقول: لم أجد تفسيراً لالتصاق ذلك الحب الساذج في جدار قلبي المنهك كنت مهووسا ببنت الجيران لبنى والتي من أجل لقياها كل يوم أختلق ألف عذر وحيلة. وهي كذلك كانت تتهافت كلما رأتني..إعتدت أن أقرأ حبها كلما داهمتني بعينيها الصغيرتين وككل الصبية في ذلك الزمن كان الحديث بيننا محملاً بالقصص البلهاء والتي تدعونا لإطالة اللقاء دونما ملل أو كلل. في مواسم المطر كنا نتسابق على سكة الشارع كانت تسبقني دوماً بالرغم من مقدرتي على الفوز لكن الرغبة الصادقة في قراءة تعابير الفرح عبر وجهها البريء كانت تحول دون ذلك.. لقد اشتقت لها و لذلك الحُلم الذي كان يلازمني في كل ليلة كلما سافرت منها وإليها
وصلني قبل يومين أنها اتصلت لتطمئن على صحتي، ولا أخفيك شعرت بنشوة كبيرة تخالجني وارتأيت حلمي القديم يعود للاستيقاظ من بين أنقاض الماضي.
سألت أحَد أخواتي عنها
ماذا فعلت بها الأيام قالت لي أختي الكبرى لقد أصبحت لبنى أماً لستة أولاد يامروان . تقاربت زفرتي \”آه\” مشتركة بيني وبين ملامحها المطبوعة في صور الأيام، وإذ بحلمي القديم يعود منتكساً إلى مكانه محملا بالحسرة والبكاء.
إلى تلك اللحظة : كان الطبيب يدعو مروان ليتهيأ لإجراء عملية استبدال صمام قلبه التالف في إحدى مستشفيات جُدة الكبرى.. ولعل المفارقة المؤلمة أن مروان عمره الآن خمس وأربعون عاماً ولم يتزوج بعد.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *