[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

•• خي .. حبيبي ليه قاسي ليه ياخي
قلبي خوفي عليه وأعمل ايه ياخي
كانت تلك الاغنية في بداية الستينات تملأ فضاءنا نرددها في مناسباتنا الى ان فجعنا ونحن نراه أمامنا كان رجلاً أسمر اللون له شعر كث وملبس رث ورائحة عرقه تشمها من مسافات بعيدة وهي تغمر المكان.كان يتخذ من مدخل احدى العمارات الحديثة في شارع درب الجنائز في بداية الثمانينات الهجرية مكاناً يتخذ منه مرقداً له في ظلمة الليل احد أركان ذلك المدخل لنومه.. أما نهاره فهو يسوح فيه على الأسواق يضع على رأسه بما يسمى \”القفة الكبيرة\” يحمل فيها ما يبتاعه الناس من خضروات ولحوم، ويقوم بإيصالها الى منازلهم، وإن كان بعضهم لا يرتاح لاستخدامه لما كان عليه من رثاثة في الملبس، وفي المظهر لقد كان خي.. وهذا اسمه واحدا من كثيرين كانوا ينتشرون في أزقة وحواري المدينة، ومن يومها لا نستمع الى اغنية محمد عبدالوهاب (خي) على جمالها إلا وتطفح لك الشخصية على الذاكرة.
أمانة إن كنت تقابله تقول له الفرح ناسيني
وقول له يشاور عقله وينسى يوم ويجيني
لقد مضى \”خي\” كما مضى ذلك الزمان، وان كان \”خي\” هو صورة اخرى من ذلك الافريقي الذي كان يطلق عليه \”مرقعية\” لارتدائه ثوباً مخاطاً من قطع من الأقمشة متباينة الالوان من الأحمر للأبيض.. والأسود والأخضر.. والأصفر ومن عجائبه انه اذا جيء له \”ببراد الشاي\” يضع في وسطه ذرات من \”التراب\” وهو يقوم ترابها شفاء.. كان يتحدث من دكان عودة أبو سلمى في شارع العينية، وهو دكان كان مجمعا من الأفراد والعاملين فيه في صناعة \”الخرازة\”، وهو صاحب بديهة في كلامه..
كان \”مرقعية\” يقضي \”ضحويته\” متنقلاً بين تلك الدكاكين، وفي المساء يذهب الى سفح جبل أحد ليغيب هناك حتى فجر اليوم التالي.. كان \”مرقعية\” وخي شخصيتين لهما طابعهما، وإن كانا لا يلتقيان في مكان واحد أبداً فلكل واحد منهما طابعه الخاص به.والغريب أنهما لا يتسولان، وإن كانا يأخذان ما يعطى لهما دون الحاح.إنه زمن \”الدراويش\” الذين كانوا يملأون شوارع المدينة بشكل واضح ويدعو الى التساؤل هل منهم أحد الآن؟.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *