مرفوع عني القلم !
قبل يومين دعتني صديقة (لا بارك الله فيها) وأخذتني إلى مجلسٍ عامر بالسيدات (المتحلطمات) ورجاءً لا يسألني أحدكم عن معنى (الحلطمة) لا لغةً ولا إصطلاحاً ! المهم أنني خرجت من تلك الجمعة “الله لا يعيدها” وأنا مُشبعة بطاقات سلبية لا محدودة من ماسمعت منهن ، فواحدة كانت تشتكي من زوجها وحبيبها ، واخرى كانت تشتكي من أهلها وأطفالها ، وثالثة كانت تشتكي من خادمتها وسائقها ، وكنت في الواقع أشتكي من صداع شديد.
اختلفن كثيراً والإختلاف في الرأي وارد ولم يفسد في جمعتهن “غير المباركة” قضية ، غير إنهن اتفقن جميعاً على (الهجة) والهجرة الجماعية إلى كوكب المريخ بلا عودة ، ويافرحة ما تمت بعد طول انتظار وسعي دؤوب أفسدت أنا جمعتهن ونغصتها بخبر قرأته يفيد بأن القائمين على مشروع “ون مارس” للدفعة المسافرة إلى كوكب المريخ والناويّن الإقامة فيه إلى الأبد دون العودة إلى الأرض قد استبعدوا (السعودييّن) من تلك الرحلة ، فانزعجت السعوديات وفي الواقع قد أزعجني الخبر كثيراً أنا أيضاً، لأنني منذ أن قرأت عن هذا المشروع -وسبق وأن تطرقت له في مقال- أشرت فيه أنني من أشد المعجبين والمتحمسين والمؤيدين لتلك التجربة، لا وبل كان في عنوانه : (يلا نهج معاهم) دعوة صريحة مني وتذكرة مجانية إلى جميع ساكني هذا الكوكب المزعج الذي نعيش فيه إلى (ضَب) أغراضهم وشد الرحّال إلى كوكب المريخ الهادئ. فالأرض قد تضيق بنا أحياناً وقد نضيق بها أحايين ، وفكرة الإبتعاد عن كل المنغصات البشرية والحيوانية والظرفية والمكانية والزمانية على هذا الكوكب واردة وتستحق التفكير في لحظة جنون.
واليوم لا أخفيكم أنا في “حالة الجنون” تلك والتي تتلبسني بين الحين والحين ، فلست بحالٍ طبيعي لأكتب مقالاً طبيعياً، فرأسي مثقل بأمور عديدة ومهمة وأنا مُسافرة ، مُحلقة بفكري إلى (سابع سما) ، وإلى أبعد مدى استطيع الوصول إليه دامهم قد أغلقوا حتى المريخ في وجوهنا، والحمد لله أننا لازلنا قادرين على أن نُحلق “بصواريخ” أفكارنا وخيالاتنا إلى (كوكب عاشر) أبعد من الكواكب التسعة بكثير ، دون حاجتنا إلى تذاكر وتصاريح ننتظرها من أحد لننطلق.
وحتى لا يفهم ما أثرته خارج السياق والمعقول كنوعٌ آخر من (الخبال) والجنون ، ألم يقال بأن العالم قد بات قرية واحدة ! اذن دعونا نحلق و نفكر و نثرثر بطريقة اخرى “خارجة عن المألوف ، دعونا نُحسن تلك الصورة الضبابية لأخرى وردية ، دعونا نعيش ونتعايش مع بعضنا بسلام على هذه الأرض وهذا المكان دون التفكير في الهجرة والهجة منكم ومن (بلاويكم). فالحياة بالرغم من ما فيها من زينة وجمال ومُتع ، نحن من نصنعها بفكرنا وأحاسيسنا وأفعالنا ، وعندما يخطئ أي إنسان في فهمها فهو حتماً يجني على نفسه.
لكن يا اعزائي (المُتحلطمين) الشكايّين البكايّين الكارهين حياتكم ، يقولون (مدمن قرع الأبواب لابد أن يلج) لذلك لا تيأسوا ولا تقنطوا من رحمة الله سوف تحلقون أو تسافرون أو بمعنى أدق (تهجّون) وخذوني معاكم “هيلا هيلا”.
يبدو أن علي التوقف إلى هنا ، أقسم بالله أن كل ماقلته في هذا المقال لن يستوعبه سوى من رفع عنه القلم ، لذلك قررت أن أرفع القلم أنا ايضاً (نقطة).
rzamka@
[email protected]
التصنيف:
مقال ابداعي مجنون