محمد عبده .. في أمان الله
[ALIGN=LEFT] [COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]
•• في عام 1964م غنى الفنان الكبير وموسيقار الاجيال محمد عبدالوهاب اغنيته الشهرية المؤثرة \”كل دا كان ليه\” على المسرح وكان يجلس على \”كرسي\” وهو يؤديها بصوته الرخيم والإيحات الشجية.. وكانت آخر أغنية غناها على المسرح وبعدها تفرغ للتلحين والغناء في الجلسات الخاصة كل ذلك قام به عندما بلغ عامه الرابع والستين، لقد ادرك بحسه الواقعي ان الزمن ليس زمنه لكي يقف ويؤدي اغانيه على المسرح وقوفاً فكان ذلك القرار الصائب الذي اتخذه بكل قناعة.ذكرني بهذه الحالة الخبر الذي يتناقله البعض الآن عن قرار فناننا الكبير محمد عبده باعتزال الغناء على المسرح والاكتفاء بالتلحين للآخرين وبالغناء في الجلسات الخاصة.
ان هذا القرار ان صح أتى في وقته وهو تماماً كذلك القرار الذي اتخذه موسيقار الاجيال الذي أبدع بعد اتخاذه أجمل الاعمال..فمحمد بعد مشواره الممتد منذ بداية الستينات الميلادية وان لم تخني الذاكرة انها كانت في عام 1963م وهو تاريخ ممتد مليء بالأعمال الخلاقة ابداعاً وهو قطع ذلك المشوار الطويل بكثير من الجهد والكثير الكثير من العرق والصبر والبحث عن \”الكلمة\” النازفة للمشاعر واللحن المتغلغل في النفس.. فهو لم يصل قمة الغناء – العربي – إلا ببذله الكبير من العمل والذوبان فيه وايضا بحرصه على الجودة والتجريب في كل انواع الغناء والايقاعات التي تمتلئ بها الجزيرة العربية.حتى اصبح تلك العلامة الفارقة في عالم الغناء العربي.
•••
فإذا كان الفنان الموسيقار محمد عبد الوهاب قدم لنا تلك الاعمال المبهرة من الاغنيات الممتدة على طول تاريخانية الفن منذ بداية العشرينات الميلادية حتى اواخر التسعينات الميلادية فان فناننا الكبير محمد عبده هو الاخر قدم لنا من الاعمال الفنية الراقية الشيء الكثير اسمعه وهو يغني تلك الاغنية الجميلة مثل صبيا عندما يقول:
مثل صبيا في الغواني ما تشوف
ناشرات الفل والنقش اليماني في الكفوف
والعيون الدعج تحت المقاني يا خوف
خوف يسبي الناظرين يبعث الحب الدفين
آه .. آه يا معين
انه يصف حالة استطاع شاعرنا الكبير ابراهيم خفاجي ان يرسمها بدقة الفنان الشاعر وبحسه المشبع بكل الاحاسيس يترجمها \”محمد عبده\” صوتاً أخاذاً عندما يقول في نفس القصيدة:
أعذروني في الهوى يا اهل الملام
السبب نظرة وربي قد بلاني بالسهام
لو حصل مرة والمحبوب دعاني باهتمام
أنسى روحي والحنين
فالهوى عند امين
آه يا معين
هذا الرقي في الاداء كان له مفعوله لدى المتلقي حيث وجد لصوته معنى في كثير من الاغنيات لترسخ هذا الشعور لدى المتلقي فأتت اغنية من بادي الوقت وهذا طبع الايام لترسخ هذا الاحساس الرائع لدى المتلقي.وغيرها وغيرها من الاعمال لتكون الاماكن كنقلة اخرى في مسيرته الفنية الناضجة.
الاماكن كلها مشتاقة لك
العيون اللي رسمت فيها خيالك
كل شيء حولي يذكرني بشيء
حتى صوتك وضحكتي لك فيها شيء
ان مسيرة محمد عبده الفنية لو يتتبعها المراقب لخرج لنا بسفر من المعلومات ضخم يشبع نهم الباحث عن الكلمة واللحن منذ تلك الاغنية القديمة. مر بدوي صغير وهي مغرقة في القدم , على اني لا أنسى تلك المقدمة والمقطع الاول منها التي اسمعني اياها مع صديقنا المرحوم محمد دياب من كلمات ايليا ابو ماضي قصيدة.
نسى الطين انه طين بتلك القدرة الكبيرة على صياغة لحن من الاوزان الثقيلة والتي لا أعرف لماذا لم يكملها.على أية حال ان قراره التوقف وليس الاعتزال عن الغناء المباشر هو القرار السليم الذي أتى في وقته وزمنه.
آخر الكلام
تكون مصيباً جداً عندما تدرك بأن الزمن متغير باستمرار.
التصنيف: