هو محمد بن درويش مصطفى رقام أحد ابناء حارة البحر ومن أهم مؤرخي مدينة جدة , فقد عاش رحمه الله فيها قبل هدم السور , و واكب الزمن الجميل عندما كانت مدينة جدة عبارة عن 4 حارات تاريخية فقط محاطه بسور عتيق . مشى في ازقتها ودخل وخرج من ابوابها التاريخية و عاصر جميع تفاصيل تلك الحقبة التاريخية التي يحاول كتًّاب اليوم ابراز البعض من تاريخها.
بدأ الأستاذ محمد حياته العلمية بالالتحاق في كتاب الشيخ طه توينه عندما كان مقره حارة البحر في الخاسكيه ثم انتقل الى كتاب الشيخ عبدالحميد عطيه في حارة الشام خلف زاوية عثمان بن عفان ثم اخيراً انتقل الى كتاب الشيخ محمد الصاوي في حارة البحر ومقره شمال رباط البخاري الشمالي , ثم التحق بعدها بالمدرسة الرشديه و بعد تخرجه منها عمل في ادارة البرق والتليفون في قسم المحاسبة ثم انتقل بعدها الى البلدية و التي كان مقرها في بيت الملا الكبير , وبعد سنة من العمل في البلدية عاد الى ادارة البرق و اشتغل في قسم السنترال الذي اكتسب منه خبره كبيره ثم عمل بعدها في وزارة الاوقاف وكان له الفضل بعد الله في المحافظة على الكثير من المعالم والمباني التاريخية الوقفية أثناء عمله بها.
تميز الاستاذ محمد رقام بإلمامه بمعلومات عن حياة و اهالي جدة التاريخية بالإضافة الى حفظه لبيوت وحواري مدينة جدة القديمة بمواقعها واشكالها رغم التغيرات الكبيرة التي حدثت للمنطقة التاريخية. و اذا تكلم عنها يراها امامه بتفاصيلها الدقيقة و يصفها لنا بكل سلاسة و تشويق ويجعلك و كأنك تشاهدها امامك وكأنك من ذلك الزمن الجميل فيجعل مخيلتك تمشي معه في تلك الحواري القديمة والأزقه الضيقه معايشاً كل مايراه امامه وكأنك في فيلم سينمائي قديم لمدينة جدة التاريخية. ويعد الاستاذ محمد من اهم مؤرخي جدة القديمة ومرجعا قوياً لها , فجميع المؤرخين والمؤلفين يستطيعون نقل المعلومه بإيجاز او نقلاً عن مصدر آخر لكن العم محمد تميز بنقل المعلومة بصورة مرئية امام المستمع فيحوله من مستمع الى مشاهد , و كنت عندما أسئلة عن معلومه او موقع كان يراه امامه ويخبرني بجميع تفاصيلها ولا يكتفي بإيصال المعلومة فقط بل كان يتطرق الى جميع الأمور المتعلقة به مما كان يضطرني الى فتح ابواب لمعلومات تاريخية اخرى مهمه , فكانت جلستنا دائماً لا تقل عن الثلاث أو الأربع ساعات ومع ذلك لم نكن نشعر بالوقت. كان رحمه الله يستمتع بالحديث عن ذلك الزمن القديم وعن بساطة ايام الحارة وعن طيبة اهالي جدة القدماء وعن مايحملوه من محبه لبعضهم البعض.
ولذلك اعتبره عميد مؤرخي جدة القديمة بشكل عام وحارة البحر بشكل خاص , فهو صاحب عدة كتب عن تاريخ مدينة جدة مثل (جدة داخل السور , بيوت جدة القديمة , جدة حكايات من الزمن الجميل, العديد من المقالات التاريخية في مجله جدة و رواشين). حقيقة , لا ابالغ في ان الاستاذ محمد رقام بالنسبة لي هو أحد عمالقة الزمن الجميل و المرجع الاول لتاريخ جدة القديمة وحاراتها الأربعه وذلك لأن نشأته صادفت بداية دخول مدينة جدة تحت حكم الملك عبدالعزيز بالإضافة الى إلمامه بمعلومات تاريخية عن المدينة قد عرفها ممن هم اكبر سناً وعايشوا العهد العثماني والهاشمي ناهيك عن اطلاعه لعدد كبير من المراجع القديمة عن مدينة جدة. ولذلك كنت دائماً اعود اليه عند حدوث أي جدل في بعض المعلومات و المسميات التاريخية في عصر ماقبل السور , فيخبرني عنها بها بشكل صحيح ودقيق وبعدها بفتره تظهر وثيقة او صورة قديمة تؤكد صحه كلامه. توفي العم محمد رقام في عام 2015م بعد أن اثرانا واثرى تاريخ جدة بالمعلومات التاريخية النادرة. رحم الله العم محمد و أسكنه فسيح جناته , فهو أستاذي ومعلمي و لا أنسى نصائحه دائما لي بأن لا أسكت على أي معلومه مغلوطه عن جدة التاريخية و أن أجادل بها مهما كان الأمر فتاريخ جدة أمانه يجب المحافظة عليه ونقله بشكل صحيح.
أُمنية ورجاء
اتمنى من أمانة مدينة جدة أو من هيئة السياحة أو كل من له سلطه بأن تلتفت الى مسميات شوراع و أزقة مدينة جدة وخصوصاً بعد ان دخلت مدينة جدة تحت مظلة اليونيسكو كموقع تراثي عمراني , فأبناء المدينة التاريخية امثال العم محمد رقام وغيره هم أولى أن تطلق أسماؤهم على تلك المعالم تخليداً لذكراهم وما قدموه لهذه المدينة التاريخية الفريدة من نوعها.
@Mr_Alnemerr

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *