[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]شهوان بن عبد الرحمن الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

في الأسبوع المنصرم مرّ على المواطنين في أرجاء هذا الوطن ثلاث مناسبات تاريخية، كل منها يحمل في طياته مسافة شاسعة من الفرحة والبهجة، والسرور والغبطة، ويتسع لمساحة كبيرة لمظاهر الأمل والتفاؤل واستشراف لمستقبل واعد، ذلك أن كل مناسبة بحد ذاتها تبعث في النفس شعور الارتياح والاطمئنان، فعيد الفطر مناسبة دينية وعيد المسلمين يفرح به المسلمون من شرق الدنيا إلى غربها، ومناسبة اليوم الوطني ذكرى يتجدد معها المجد وعزّ الوحدة، ومناسبة افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية واحدة من المناسبات التي تسجل في سجل النهضة التي تعيشها البلاد ومناسبة غالية يستشرف منها المواطن المستقبل الواعد لهذا الوطن.
شلالات الفرح التي فاضت بها هذه المناسبات لم يتمتع بها فئة من أبناء هذا الوطن، فقد كانوا في حالة من الانكسار النفسي والشرود الذهني، وخيمت الهموم والأفكار السلبية على بعضهم، فهؤلاء العاطلون كانوا منغمسين في هموم كبيرة حالت دون تمتعهم بهذه الأفراح. لأن الحالة التي يعيشون فيها لا تسمح بالفرح في ظل وجود تلك المنغصات التي يرزحون تحت وطأتها. فقطار العمر يمضي بسرعة وطابور الانتظار للحصول على وظيفة طويل جدا ويتمدد على مساحة الأمل التي يحاولون التمسك بخيوطها. ويرون أن الفرصة للحصول على وظيفة أشبه بالقبض على الماء؟ فلهذا لم يهنأوا بالتمتع بشلالات الفرح التي عمّت المواطنين لأنهم مشغولون بالبحث عن مصدر تأمين لقمة العيش.
إن هذه الفئة ـ من وجهة نظري ـ ينبغي أخذ الحذر من نظرتهم التشاؤمية للحياة حينما تصل إلى حد اليأس ويتطلب أخذ الحيطة من تصرفاتهم حينما يجدون كل الطرق أمامهم قد أوصدت ويستدعي الحال سرعة أخذ التدابير لحل مشكلتهم حتى لا يخرجون عن المسار المطلوب منهم كمواطنين صالحين، فبدلاً من أن يكونوا أعضاء نافعين وفاعلين في المجتمع. فقد يصبحوا أدوات تخريب وفساد وضلال. فالشيطان شاطر وأهل الفساد والانحراف يبحثون عن كل طريدة يمكن ضمها في صفوفهم.
إن أعداد العاطلين في زيادة مذهلة مستمرة ومخيفة ومرعبة، فقد نشرت جريدة المدينة في عددها يوم الاثنين 8/10/ 1430هـ خبراً مفاده \”أن وزارة العمل تبدأ يوم الأربعاء 11/ 10/1430هـ في استقبال طلبات الراغبين والراغبات في الحصول على عمل من حملة الثانوية فقط والذين يتوقع أن يصل عددهم نصف مليون شخص. وجاء في الخبر أنه قد سبق ذلك مرحلة استقبال طلبات حملة الدكتوراه والماجستير والبكالوريوس وكذلك حملة الدبلومات\”. فإذا كان هذه الأعداد الضخمة لحملة الثانوية فقط وقل مثلها لحملة الشهادات الأخرى أي أن العدد يمكن أن يصل إلى مليون عاطل كلهم ينتظرون قطار التوظيف وسيزداد العدد سنويّاً فسيكون حظ معظمهم في الحصول على الوظيفة كحظ ذلك الشاعر الذي يقول:
إن حظي كدقيق فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه.
وستكون فرصة الحصول على الوظيفة ضئيلة أو شبه معدومة نظراً لضخامة العدد وقلة الفرص. وستكون الوظيفة من ثالث المستحيلات لكثير منهم، وهذا سيشكل على المدى البعيد كارثة إنسانية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية، مما يستدعي التنبه إلى ذلك ووضع إستراتيجية لاجتثاث هذه المشكلة ووضع الحلول المناسبة لها، فبقاء هؤلاء العاطلين دون عمل فيه محاذير شرعية وأخلاقية واقتصادية وأمنية، فمن الناحية الشرعية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \”من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم\” والاهتمام يكون وفقاً لقدرة الشخص ومكانته وصلاحيته في تغيير الحال الذي يكون عليها أخوه المسلم فأصحاب الصلاحية في الجهات المعنية عن وضع خطة استراتيجية عاجلة لتلافي تلك الكارثة وتوظيف هؤلاء العاطلين وتلك الجهات هي : (الخدمة المدنية – العمل – المالية – وزارة التخطيط – مجلس الشورى) لا تخلو ساحتهم من المسؤولية عن معالجة هذا الأمر، فهؤلاء العاطلون يشكلون هاجساً أمنيّاً خطيراً فالبطالة قد تجعلهم ينظرون للمجتمع بنظرة حاقدة ويائسة وقد يضعون رقابهم وأيديهم في حبال الشيطان فيقودهم إلى الفساد والإفساد.
فهل يتم وضع حلول عاجلة لاحتواء هؤلاء ووضعهم في الطريق الصحيح لتنمية الوطن ورفاهيته. إننا وإياهم لمنتظرون.
اللهم إنا نسألك أن تهيئ لهذا الوطن كل سبل الخير والعزة والمنعة إنك ولي ذلك والقادر عليه.
ص ب 9299 جدة 21413
فاكس: 6537872

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *