مبدأ القول .. تدني الوعي وبيع الأوهام
تنتشر في أيامنا هذه رسائل عبر الجوال \”الهاتف النقال\” تعرض عليك أن تصلك الفتاوى عبره أو الموعظة أو الدعاء، ونغمات بأصوات بعض الدعاة، ولتفسير الرؤى والأحلام رقم تستدعيه، فيتبرع من يدعي أنه عالم بالتأويل بتفسير ما رأيت وما لم ترَ، لمن يرقون ويدعون الشفاء لكل الأمراض، أرقام تصلك عبر هذا الهاتف، وبريدك الإلكتروني لتراجعهم فتشفى من جميع أمراضك ببركة لمسه ونفثه، وقد استغل أهل العنف هذا الهاتف وشبكة الانترنت في الاتصال والتواصل ونقل الأوامر بين أفرادهم وجماعاتهم القائمة والنائمة.
وهكذا فنحن نستخدم التقنية الحديثة لتكريس مزيد من الارباك للحياة في بلادنا، وللابتعاد عن روح العصر بكل ما أفرزه من علم وحضارة، والذي تتنافس فيه الأمم حول تقنيات ترتقي بالحياة في بلدانها، ونحن نجعل حتى الدين الذي هو عصمة أمرنا ومنجينا من المهالك في الدنيا والآخرة قشوراً نتلهى بها وتجارة للحصول على بعض أموال الخلق دون وجه حق، كهذا الذي يحصل على المال بإدعائه القدرة على شفاء الناس من كل أمراضهم بما يرقاهم به وبما ينصحهم به من تناول أدوية يقترحها عليهم، وهو يعلم يقيناً ألا مصدر لعلمه هذا الذي يدعيه سوى أوهامه.
وهذا الذي يدعي معرفة أسباب ما أصابك من أمراض جسدية ونفسية فيدعي أنك محسود، أصابتك عين قريب أو صديق، فيوقع العداوة بينك وبين من تحب، ويدعي لقاء مال أن يزيل آثار ما أصابك من العين والحسد بما يرقاك به، أو يدعي تخليصك من جن سكن جسدك وأتلف نفسيتك.
وهذا الذي يدعي خبرة بالرؤى والأحلام، ولا علم له في مجالها سوى أوهامه، ويغر عامة الناس بما يؤوله منها لهم، ويزيدهم عن طريقها احباطاً، وكل ذلك مهما كان السوء فيه فهو مما اعتاد عليه الكثير من البشر في شتى أقطار الأرض، ولكن الخطورة تكمن في أن يدعي لكل هذا علاقة بالدين أو يزعم أنه من الدين، فتلك هي الكارثة.
إن الوعي إذا تدنى، ولم تجد وسائل نشره تأثيراً مباشراً على اﻟﻤﺠتمع، فإن الوطن سيزداد تأخراً، وذلك حينما تساعد الوسائل الحديثة في تدني هذا الوعي بما تنشره على
الناس من هذه الأوهام التي لم يعد لها حصر في أيامنا هذه، وكأننا سوق مباشرة لها، يتلاعب فيها بآمال الناس وآلامهم، دون أن يحاسب من يفعل ذلك ويعاقب، ليمنع غيره من الاجتراء على مثل فعله.
إننا اليوم في أمس الحاجة لإعادة النظر في مجمل هذه الأوضاع، ومواجهة ما تفرزه من أخطار، فنحن إن لم نواجه هذا بحزم فإننا نوحي للناس أن هذه التقنيات لا مجال لها
إلا مثل هذا، مع ما نحن فيه من بعد عن استخدامها فيما يعود بالنفع على مجتمعنا نفعاً حقيقياً لا موهوماً، فهل نفعل؟!!…. هو ما أرجوه والله ولي التوفيق.
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله فراج الشريف
ص.ب: ٣٥٤٨٥ جدة ٢١٤٨٨
فاكس: ٦٤٠٧٠٤٣
[email protected][/COLOR][/ALIGN]
التصنيف: