ما لا يمكن للفرد مواجهته وحيداً يستطيعه مع الجماعة

Avatar

[COLOR=blue]وضاح الخطيب [/COLOR]

\” لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والشيخوخة…….\” ( الاعلان العالمي لحقوق الانسان المادة 25 بند 1).
والناس في كافة البلدان أيضاً يضعون الصحة، على نحو غير مثير للدهشة، في أعلى سلم أولوياتهم، حيث لا يسبقها في ذلك غير الشواغل والهموم الاقتصادية، مثل البطالة، وانخفاض الأجور وارتفاع تكاليف المعيشة ، وعلى ذلك، فإن الصحة كثيراً ما تصبح قضية سياسية حيث تحاول الحكومات إرضاء تطلعات شعوبها.
وشكل التعاضد دوما وعلى مر التاريخ شبكة للأمان الصحي والاجتماعي والاقتصادي والتعليمي …ألخ ، و للتشارك في مواجهة المخاطر والاحداث الطارئة، والتعاضد هو مشاركة الانسان لأخيه الانسان في تحمل الاعباء التي تفرضها الحياة على بني البشر، والتعاضد هو الرابط المعنويّ الذي على أساسه تقوم وتنتظم كل علاقة بين أبناء المجتمع الواحد، وهو يشكّل واحدة من القيم الإنسانيّة المكمّلة لأيّ نظام سياسيّ. وهو ميثاق حرّ يُصبح من خلاله أناس، يختلف واحدهم عن الآخر وغير متساوين اجتماعياً، مجموعة متضامنة، متعاونة ومتساوية بالحقوق والواجبات. (وقد عرف النظام الاساسي للإتحاد الدولي للتعاضديات التعاضد \”على أنه نهج في التعاون والتماسك والمسؤوليّة، يُنتج، بفعل إرادة حرّة ومستقلّة، مواطنيّة صالحة وديمقراطيّة حقيقيّة…\” )وما من بلد أصبح قادراً على ضمان الحصول الفوري لكل الناس على جميع الخدمات التي تحافظ على صحتهم أو تحسنها ، وكل البلدان تفتقر الى الموارد بشكل أو بآخر ، ولكن يظهر ذلك بشكل اشد في البلدان المنخفضة الدخل .وتكافح البلدان الغنية والفقيرة من اجل توفير تكاليف الخدمات الصحية حيث تعاني البلدان التي تتسم بتشيخ السكان وتقلص قوى العمل ،صعوبة أكبر، \”المجتمع الفلسطيني يتسم بأنه مجتمع فتي \” فحسب تقديرات جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني الافراد من الفئة العمرية (0-14) شكلوا في نهاية العام 2011 (40,8% )من مجمل سكان الاراضي الفلسطينية. وان الافراد الذين تزيد اعمارهم عن (65) سنه شكلوا ( 2,9% ) من السكان فقط.\” ويبقى الانفاق على الصحة واتاحة الخدمات الصحية بصورة أكثر نفعا غاية في الاهمية لكل بني البشر [ تنفق الولايات المتحدة والنرويج في مجال الخدمات الصحية ما يزيد عن 7000$ على الفرد في العام ، سويسرا 6000$ ، وبعض البلدان 3600$ ، و نجد 31 دولة من أعضاء منظمة الصحة العالمية تنفق اقل من 35$ على الفرد في العام ، و 4 دول منها تنفق اقل من 10 $ ][ وفي فلسطين بلغت 300$] ، وبلغت نسبة الإنفاق على الصحة من الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين( 12,3 % ) خلال العام 2011 ، مسجلة انخفاضاً ملموسا عن العام 2010 حيث بلغت نسبة الإنفاق على الصحة خلال العام 2010 نسبته (13,7%).
الصناديق التعاضدية فكره قديمه، مارسها الناس في المجتمعات القديمة، وتمثل شكلاً من التكاتف لمواجهة الاخطار والظروف الحياتية القاسية ، وتوفير مظلة حماية لهم.ففي عام 1865 كان يوجد في روسيا وحدها أكثر من 4000 صندوق تعاوني كان هدفها أو أحد أهدافها توفير الرعاية الصحية لمنتسبيها ، وفي اليابان ظهرت اول جمعية لمنفعه تعاونيه صحية عام 1905 ، وفي فرنسا كان النظام القائم على الجمعيات التعاونية الصحية قبل عام 1930 هو الاساس في مجال الرعاية الصحية واستمر بعدها طويلا. وفي سنة 1981 تم وبأشراف منظمة الصحة العالمية وضع استراتيجة شاملة تهدف لتشجيع نشر مفهوم الرعاية الصحة في الدول النامية ، وقد جاء \”قرار جمعية الصحة العالمية رقم (58- 33 ) الذي صدر عام 2005 ليؤكد أن كل شخص ينبغي أن يكون قادرا على الحصول على الخدمات الصحية وألا يتعرض لمصاعب مالية جراء ذلك.\” و للأسف لا يزال العالم بعيدا جدا عن تحقيق هذين الجانبين .إن تحقيق الصحة، والمحافظة عليها هي عملية صعبة .وهناك استراتيجيات فعالة لضمان صحة الفرد وتحسينها ، ويهدف الصندوق التعاضدي الفلسطيني للعناية الصحية المساهمة الفعالة لتحقيق ذلك لقطاعات واسعه من المجتمع الفلسطيني.وتمثِّل الصحة الجيدة العنصر الأساسي لمعافاة الإنسان ولتنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة. ولقد وضعت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية لنفسها الهدف المتمثِّل في تطوير نُظُمها الصحية بما يضمن استفادة الناس جميعاً من الخدمات الصحية، مع حمايتهم، في نفس الوقت، من المصاعب المالية المرتبطة بدفعهم تكاليف هذه الخدمات.
إن تزايد الطلب من الجمهور للحصول على رعاية صحية عالية الجودة وميسورة التكلفة يزيد بشكل أكبر من الضغط لوضع سياسات تتسم بالحكمة ، ( وحسب التقرير الخاص بالصحة بالعالم والصادر عن منظمة الصحة العالمية بعنوان: \” تمويل النظم الصحية،السبيل الى التغطية الشاملة\”، فإن تقديرات التقرير تشير الى أن (ما يتراوح بين 20%-40% من جميع النفقات الصحية تهدر حاليا بسبب عدم الكفاءة)، \”وأن استثمار الموارد استثمارا أكثر حكمة يعين البلدان على التحرك أكثر نحو التغطية الشاملة دون الحاجة لزيادة الانفاق\”ولقد ثبت دوما بأن حفظ الصحة وتعزيزها هما أمران أساسيان للإنسان ، وتمثلان متطلبا لتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة للمجتمع.وقد أدرك الموقعون على إعلان (ألماآتا) ، منذ أكثر من خمس وثلاثين عاماً هذا الأمر، حيث لاحظوا أن توفير الصحة للجميع يمكن أن يسهم في تحقيق جودة أفضل للحياة،كما يسهم في إحلال السلام والأمن العالميين. وهنالك سبل كثيرة لحفظ الصحة وتعزيزها. ويقع بعض منها خارج حدود القطاع الصحي. فالظروف التي ينشأ في ظلها الناس، ويعيشون، ويعملون، ويشيخون، تؤثر تأثيراً قوياً على الكيفية التي يحيا بها الناس ويموتون ( فالتعليم، والسكن، والغذاء، والعمل،…) كلها عوامل تؤثر على الصحة. وبالتأكيد فإن إصلاح مظاهر الجور في ذلك، من شأنه أن يحد أيضاً من الجور في الصحة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *