ما بين السطور .. دعوا الخلق للخالق..
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] حصة العوضي [/COLOR][/ALIGN]
هل جربت يوماً أن تجلس مثل الأبله منصتاً للآخرين وهم يملون عليك كيف تدير حياتك.. وكيف تسيرها وفق معاييرهم ومقاييسهم الخاصة..؟؟ هل سمعت ما يقولونه وما يريدون منك أن تكون.. وكيف ستكون عليه حالك لو اتبعت مخططاتهم..؟؟
ليس كل ما يقوله الناس خطأ.. بل الخطأ هو أن نعطيهم الفرصة ليقتحموا علينا حياتنا الخاصة.. وليبدأوا في التخطيط لها وفق آرائهم ومبادئهم.. ناسين أو متناسين أننا نحن من يعيش هذه الحياة وليسوا هم..
كم من المرات كنت تجلس لتنصت لهم وهم يديرون حياتك.. ويضعون لها مخططات كثيرة وفق أهوائهم.. ووفق ما يريدونه لك أن تكون..؟؟ وكم من المرات حاولت أن توقفهم عند حدهم لتقول لهم كفوا عن التدخل في شؤوني وفي حياتي.. كفوا عن تلقيني ما يجب أن أفعله ومالا يجب علي فعله..؟؟ ألست راشداً..؟؟ ألست عاقلاً..؟؟ ألست على قدر كبير من المسؤولية..؟؟ إذاً لماذا تسمح لهم بإدارة شؤونك الخاصة وكأنك مجرد مسلسل تلفزيوني يضعون السيناريو الخاص به دون الرجوع الى الممثل الرئيسي فيه..؟؟
وأنت لست كذلك.. بل هي الحياة.. وهو الواقع.. هي حياتك وهي واقعك الذي يقوم الآخرون برسمه وجدولته وفق اختياراتهم ورغباتهم.. أعجب كثيراً من هؤلاء الذين يمنحون أنفسهم الصلاحية للتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة الآخرين.. ولطرح أسئلة خاصة جداً على الناس حين يلتقون بهم وحين يمرون للسلام عليهم فقط.. فهل مجرد منحنا لهم فرصة التعرف بنا وفرصة التقارب معا أن يتدخلوا في كل صغيرة وكبيرة وفي كل الأوقات التي يسمحون فيها لأنفسهم بالتدخل دون دعوة منا..؟؟
وهل مجرد دعوتنا إليهم لقضاء بعض الوقت في بيوتنا يمنحهم الصلاحية للتعديل والتغيير في ديكورات بيتنا واقتراح الملائم وغير الملائم منها فقط بحسب أذواقهم هم دون الرجوع الى قدراتنا الطبيعية والمادية..؟؟
حين نفتح الباب مرة واحدة للآخرين ليتدخلوا في عالمنا الخاص.. ونمنحهم الإذن لترتيب أولوياتنا وحياتنا بحسب رغباتهم هم.. وترك الحبل لهم على الغارب ليملوا علينا ساعاتنا اليومية وكيفية ملئها بما يسعدهم هم ويرضيهم.. فنحن بذلك نسمح لهم بالدخول في حياتنا ومشاركتهم لنا كل لحظة وكل دقيقة من خصوصياتنا التي يجب ألا يطلع عليها أحد.. حين نسمح للآخرين بتنبيهنا الى ما حولنا في بيوتنا.. وإلى التصريح لهم بالتدخل فيها لإصلاحها أو لتنظيمها.. فإننا بذلك ندمر كل ما بقي لنا من حياتنا الخاصة.. ومن أمورنا الشخصية.. وكأننا نستعرض كل ما لدينا من أمور خاصة على العلن وفي التلفزيونات الواقعية التي تنقل لنا صوراً عن الحياة في بعض المجتمعات المخصصة للتلفاز عموماً.
نحن بذلك نصادر أحاسيسنا الخاصة ومشاعرنا تجاه الأفراد الذين يعيشون معنا تحت سقف واحد.. ونشرها على الملأ ضمن التقارير التي تخرج من بيوتنا عبر أفواه الزوار والضيوف الذين نسلمهم أسرارنا وأمورنا الخاصة.. فهل هذا حقا ما نريده نحن ويريده الآخرون..؟؟ لست أقول هنا إلا كفوا عن مراقبة الناس والتدخل فيما لا يعنيكم.. كفوا عن فرض آرائكم واقتراحاتكم على الآخرين.. واتركوا أفكاركم الذهبية لأنفسكم.. فهي إن لم تنفعكم فلن تنفع غيركم.. ودعوا الخلق للخالق أيها البشر.
الراية القطرية
التصنيف: