ماذا يحدث في بلادنا بحق الله ؟! ( 6 )

• أحمد محمد باديب

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أحمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]

أصبح الكل لا يتحدث إلا عن الإخوان تذكيراً لشعب مصر بتاريخهم وصراعهم مع النظام في مصر وغيرها منذ عهد عبدالناصر وعهد السادات إلى عهد مبارك , هذا الصراع مع السلطة الذي كان يتعبره الإخوان عملاً دينياً واجباً كان يوسم بالصراع مع السلطة رسخ معنى العداوة المتأصلة معها فأصبح الإخوان يكرهون الجيوش ويبادلونهم نفس المشاعر .. لا بل تسربت هذه الكراهية إلى الكثير من الأنظمة في العالم العربي خصوصاً الناصريين وأصبحت كراهية الإخوان هي السمة البادية بين الشعوب وهذا التنظيم إلا ما كان من المنتمين والمتعاطفين معه. يرجع سبب هذه الكراهية إلى الاعتقاد بأن عبدالناصر كان على الحق في مقاومته للإخوان وزجهم في السجون بينما يعتقد الإخوان أنهم هم الذين على الحق وعبدالناصر على الباطل .
عندما فاز هذا الحزب ( حزب الحرية والعدالة ) حاولت دول الخليج أن تقدم للثورة ممثلة في هذا الحزب الفائز الدعم المالي التي تحتاجه مصر لتحسين وضعها وإطعام شعبها ولكن وخلال هذه الفترة ظهر الخلاف الإيراني الخليجي ممثلاً في المشاكل بين دول الخليج وإيران بثلاثة أو أربعة أمور مهمة وهي تدخل إيران السافر في البحرين، ووقوف إيران مع حزب الله في لبنان ودعمه بالمال والسلاح الشيء الذي أثر على لبنان سلباً ،ثم وقوف إيران مع المالكي في العراق.
كان من الطبيعي أن تتوقع دول مجلس التعاون الخليجي وقوف مصر بسياستها الجديدة معهم بشأن سياسة إيران ، لكن للأسف فإن الرئيس (المعزول) محمد مرسي لم يعرف كيف يتحدث مع الخليجيين الذين كانوا يعتبرون مصر السند الأقوى وهي البلد الأكثر عدداً من أهل السنة وبناء على ذلك خسر مرسي دعم الخليجيين وأصبح التعامل معه على أنه ممثل للإخوان وليس على أساس أنه الرئيس المصري الذي يمثل هذا الكيان القوي . أما عن مرسي فقد ألقى خطاباً في المؤتمر الإسلامي في طهران كان واضحاً في قوله أن الخليج خط أحمر إلى آخر ما قال مما يظهر تأييده لدول الخليج الأمر الذي أفقده العلاقة بإيران والذي كان يأمل منه الدعم والقوة , أيضا العلاقة مع حماس باغتيال عدد من الجنود المصريين ورجال الأمن في سيناء ووجهت أصابع الإتهام إلى حماس مما جعل الرئيس مرسي يدعم الجيش ويغلق المعابر لفترة ودفنت بعض الأنفاق وساءت العلاقة بين المصريين وحركة حماس .
وفي هذه الأثناء تحامل الإخوان على المتصوفة الذي يتعارض فكرهم وفكر الإخوان وتم منعهم من ممارسة أنشطتهم في الزوايا والمناسبات . كما فقد الإخوان دعم الأزهر ، ثم ما حدث في سورية وتوقع أهل السنة أن يقف الإخوان إلى جانبهم ضد النظام غير أن ذلك لم يتم إلا عندما دخل حزب الله في الحرب وحولها من حرب ضد نظام مستبد جثم على صدر الشعب السوري أربعين سنة إلى حرب طائفية , وللأسف اجتمع مرسي مع الشباب وتحدث معهم ونسي أنه رئيس جمهورية فتحدث عن القتال في سوريا وضرورة دعم أهل السنة إلى آخر ما صرح به . ومن هنا خسر علاقته مع حزب الله ولم يستفد من دعمه للسوريين لأن دعمه جاء متأخراً و أعطى للجيش الحجة لاعتباره لا يمثل إلا حزبه وليس مصر كدولة هو رئيسها .
أما محاولته على الصعيد الاقتصادي فلم يكتب لها أي نجاح ولم تؤت أي نتائج إيجابية لأن الأتراك والخليجيين وبعض دول أوروبا قد تحاملوا عليه وأخذوا مآخذهم فخسر دعم كل هؤلاء . وجاءت الطامة بالفشل الذريع الذي باء به في كيفية معالجة مشكلة بناء سد النهضة الأثيوبي وعدم المبالاة بالتأثير الذي سيعود على مصر من جراء بناء هذا السد فكانت هذه المشكلة أكبر دليل على عدم قدرة هذه الحكومة ولا رئيسها على حل مشاكل مصر الداخلية الخارجية وبالطبع خسر في هذه الفترة علاقته الجيدة مع أثيوبيا و بالطبع جميع المعارضة كانت تتوقع أن يحاصصهم في السلطة و لكنه للأسف لم يعطهم شيء وهم الذين ناصروه ضد الفريق شفيق و لولا ذلك لما فاز.
إن كل هذه التداعيات والنتائج السلبية وغيرها استطاعت أن تجسدها وتضخمها وتهولها كل وسائل الإعلام المصرية التي أعطاها مرسي كامل الحرية للنقد في حين لم يستطع أن يميلها إلى جانبه ولا أن يظهر تحاملها عبر الفضائيات الإسلامية التي كانت تعمل أيضاً على أساسيات غير التي كان عليها الرئيس وحكومته والتي أعطت للأسف للشعب انطباعات أن وضع مصر سيتحول من بلد حر ديمقراطي إلى بلد تتحكم فيه تيارات إسلامية متطرفة ستوصله إلى ما يشبه ولاية الفقيه في إيران .
هذا الأمر جعل من كانوا على الحياد وكل الفنانين والمثقفين والبسطاء ينضموا إلى المعارضين ضد الدولة خصوصاً وأن بعض الوزراء كانوا من السوء بمكان جعل الناس تتندر بهم وتكرههم وتدلل على جهلهم مثل وزير الثقافة الذي فشل الرئيس وحزبه في تطويع الصحافة والإعلام لمصلحتهم مما أدى إلى صيرورة الأغلبية ضدهم .
أما اجتماعياً فللأسف أن الرئيس ركز على العلاقات الخارجية ونسي شعبه فلم يستطع أن يبني لنفسه في قلوب المصريين الحب عدا التيار الذي يمثله ويرون فيه مصالحهم .
بعد كل هذا بالله عليكم من بقي مع الرئيس؟ حزبه والعاملون معهم والذين يرون فيه الشرعية ، ولا تكفي هذه الشرائح لترسيخ وجوده حين فقد ما فقد من عوامل التكامل .
وفي كل الأحوال يجب أن تبقى القوات المسلحة والقضاء مستقلين ليس لهما دخل بالحياة السياسية ومهاتراتها .وأعتقد أن ذلك سيخرج مصر من مأزقها ، ويجب عدم إعطاء الأحزاب الدينية وغيرها من المتطرفين أية صلاحيات في التدخل في حياة الناس وإقرار أي قوانين خارج إطار القوانين الحكومية ويجب تحجيم هذه المنظمات ويعمل لها دستور يحدد صلاحيتها وحدودها .
إن أهم شيء في كل هذه الأزمات هي أننا أمة للأسف جاهلة لمعنى الحرية والديمقراطية لذا نحن نغوص في وحل جهلنا ونتسبب في مآسينا كل يوم .أسأل الله أن يوفقنا ليس فقط لأن نعلم الناس العلم بل نعلمهم السماحة والديمقراطية التي هي في الدين والدنيا معاً وأن لا وصاية لأحد على أحد إلا في إطار القانون والدستور الذي يحدد حدود الحياة والصلاحيات والالتزامات.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *