علي خالد الغامدي

كتبت إحدى الصحف العربية، وصفاً لحادثة قتل بطلها رجل بلطجي، وضحيتها امرأة متقدمة في السن تعد برامج اجتماعية، وثقافية للاذاعة، والتلفزيون..قالت الصحيفة في الوصف (إن المجرم بعد أن قضى ليلة حمراء مع معدة البرامج قتلها، وان القتيلة كانت رشيقة القوام، وتتمتع بحيوية، وروح مرحة).. إلى آخر هذه الأوصاف..وفي اليوم التالي اجتمع زملاء، وزميلات معدة البرامج، والذين يعرفونها عن قرب، ويعرفون سلوكها، وجمالها، وحيويتها، ومرحها، وكتبوا رداً نشرته الجريدة قالوا فيه بالاجماع ان الحادثة وقعت في العصر فأين الليلة الحمراء؟، وان القتيلة يزيد وزنها عن مائة كيلو فأين الرشاقة؟، وإنها فقدت زوجها، وتعيش حالة نفسية سيئة فأين المرح؟، وأنها تعاني من عدة أمراض فأين الحيوية..؟.
يبدو والله أعلم ان القلم الصحفي ضل الطريق فانساق مع خياله الواسع ليرسم هذه الصورة عن الليلة الحمراء التي انتهت سوداء قاتمة اسود من الحبر الذي كتبت به الحادثة المأساوية ونالت كل الاهتمام من الجريدة التي نشرت الحادثة على صفحتها الأولى، ونشرت الرد، على استحياء، في الداخل وكان العدل، والانصاف يقضيان بأن تتساوى عملية النشر، نشر الخبر، ونشر الرد إلا ان الجريدة بعد نشرها الرد اختارت (قفل الموضوع) ليعيش الرومانسيون مع الخبر، ويعيش الموضوعيون مع الرد، ولتبقى حكاية الرشاقة، والمرح، والحيوية محل اخذ، ورد بين الطرفين أطول فترة ممكنة وهي مرهونة بظهور حادثة اخرى يكتبها نفس الصحفي (الممتلئ رشاقة، ومرحاً، وحيوية).

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *