محمد علي إبراهيم الاصقة

لم يعد حديث المجالس أيامنا هذه الا تصنيف خلق الله ووضعهم تحت رحمة لائحة \” هل أنت مع فلان أم ضده\” لم يعد لحسن الظن معنى وأصبح المهم عند من تحجرت أفكارهم المقولة الصماء \”هل أنت معنا وضدهم أم معهم وضدنا؟\”.
هل.. هل .. هل حتى لاعبو كرة القدم وأهل الفتوى ورؤساء الدوائر والفنانين والفنانات وأهل القلم من كتاب الرأي والكاتبات لم يسلموا من هذه الـ .. هل أنت مع أو ضد؟ أصبح تحميل الكلام الذي يُسْمع أو يُكتب معنى حسب الأهواء والاتجاهات هو السائد في الساحة ولا مجال للنقاش وتوضيح الأمر الاتهامات ثابتة والتماس الاعذار مرفوض وأهلاً وسهلاً للتشنج والشحن النفسي الذي يملأ فضاء التعايش وكل يغني على المعنى الذي فسره على هواه.
حالنا اليوم اصبح فيه الفرد يخشى أن تحور كلمات يكتبها أو مفردات يلفظها وتوضع في سياق يصوغه أهل التربص بكيفية هم يريدونها من غير نقاش أو استفهام بعدها تنصب على من تكلم أو كتب سهام الاتهام وممن من جماعة لا تقرأ ولا تسمع إنما يقال لهم أو ينقل لهم أن فلانًا قال وعلانًا كتب فيأتي الحكم الجاهز أنت .. ضد.. لقد اصبحت آفة الكم الجاهز لرأيٍ دون سماع من صاحبه وتفسير له واقع يستمتع به من يصدرون أحكامهم بلا تحفظ بعد أن غاب عنهم قول الله تعالى: \”يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين\” صدق الله العظيم.
اختلطت المفاهيم لم يعد هناك تفريق بين الرأي والفتوى وانقسم الجمع الى صفين وكل يكيل للآخر التهم ولا سبيل للتحاور الهادئ الهادف وما نراه ونقرؤه على صفحات الصحف أهون مما ينشر في المنتديات على الشبكة العنكبوتية والتي أظهرت أن هناك عقولاً متحجرة وقلوبًا مقفلة تماماً ومن كلا الطرفين مؤلم حقّاً أن نرى هذا التعارك الفكري غير الصالح والمليء بالاتهامات والشتائم في زمن حضاري واختفت فيه الأمية وبلغ فيه النضج أرقى مستوياته أسال الله أن يهدي الكل وأن تراقب كل نفس هواها وأن يجعل لنا من هذه المحنة مخرجاً.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *