مصطفى محمد كتوعة

شهر الصوم مدرسة تربوية عظيمة للأخلاق ومكارمها وملتقى الفضائل لمن يدركها من الصائمين. انه نبع للتقوى وهي الحكمة الجامعة النافعة من الصيام، وذلك لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فللصيام أثر عظيم في الاخلاص والصبر والرجاء والذكر والدعاء والحياء والحلم والتوبة والاستغفار والجود، وغيرها من الفضائل التي هي طريق الصدق مع الله في نفس كل من يخلص هذه العبادة العظيمة ويتدبر مقاصدها ويغتنم نعمتها دونما رياء، راجيا العفو والمغفرة والعتق من النار، واستجابة لقول رسول الله صلى اله عليه وسلم (من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
إن الخوف والرجاء جناحان لإخلاص العبادة، فالصائم يخاف ربه وحده في الحفاظ على صيامه ويرجوه وحده في المثوبة وما أحوجنا الى الحياء في حياتنا كلها امام الله سبحانه علام الغيوب ويعلم ما في الصدور، ومن حكم الشعر:
ولقد أصرف الفؤاد عن الشيء
حياء وحبه في الفؤاد
أمسك النفس بالعفاف وأمسي
ذاكرا في غدٍ حديث الأعادي
الصيام على مدى شهر كامل كفيلة بتعويد المسلم على اخلاق وفضائل الصوم ليصوموا بعده عن كل ما نهى الله ورسوله عنه، فمن كان عنده قصور من جانب فيها فدونه رمضان، حتى تعتاد الجوارح والجوانح على التقوى والعزيمة لما بعد رمضان. ومن أنعم الله عليه ببلوغ الشهر الفضيل نعما كثيرة قبل انقضاء الآجال ولا يستطيع الانسان عند نعم الله: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) ومن النعم حسن الخلق وبذل الخير للغير، وهذا ما كان عليه النبي – صلى الله عليه وسلم – فكان اجود الناس، ولكنه يزداد جوداً وكرماً في شهر رمضان وفي الحديث الشريف (كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان).
الإنسان في رمضان يجوع ويعطش فأولى ما ينبغي عليه ان يتذكره، الفقراء، وتفطير الصائمين فيه فضل عظيم كما جاء في الحديث: (من فطر صائماً كان له مثل أجرهم لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً).
والاسلام يحث على العفو والصفح والمسامحة. ولا معنى لظاهر الصيام ان لم تتأدب النفوس، فمن صام في نهار رمضان ولم يصم لسانه من غيبة الآخرين وهتك اعراضهم، ولم تصم يده من ايذاء الآخرين والنيل منهم، ولم يصم قلبه من الأحقاد والغل على إخوانه المسلمين، فإن صيامه ناقص وفيه تفريط كبير لحدود الله. فلا معنى حقيقة الصيام ان كان المرء يصوم عن الطعام والشراب، ولكنه لا يصوم عن ما حرم الله، قال جابر رضي الله عنهما: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع اذى الجار وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
لا ينتهي الحديث عن فضائل شهر الصوم لكن اخيرا وليس آخرا التسامي في الشهر الكريم بقيم الاسرة والمجتمع ورباطهما على المودة والمعرفة والتكاتف ومن ذلك ما اخبرنا به رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه (تبسمك في وجه اخيك صدقة). نسأل الله تعالى ان يتقبل منا الصيام والقيام والبر وصالح الاعمال.
للتواصل/ 6930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *