أحمد محمد باديب

لقد عشت في حياتي أغلب الثورات العربية وهذه لم تكن ثورات شعوب ولكن ثورات القوات المسلحة، قد يكون بعضها معبراً عن رغبة الشعب وقد لا يكون لذا فهي انقلابات على الحكام وليست ثورات والقليل منها كانت بعكس رغبة الشعوب وللاسف أن كثيرا من هذه الانقلابات التي حدثت باسم الشعب لم تلب رغبات الشعوب بل تمسكت بالسلطة ولم تسلمها للإداة المدنية بحجة الفساد وكأن الأمة كلها فاسدة وظلت هذه الثورات سنوات طوال لا تزول الا بانقلاب آخر ويموت الزعيم واصبح يورث الزعامة لابنه او لشركائه فأصبحت الدول العربية كأنها جمهوملكية (وهذا الاسم نحت من اسمين) وللاسف ان اغلب هذه الانقلابات تفرز زعامات مسلطة تحكم شعوبها بالحديد والنار وهذا ما سماه البعض بالقبلية العسكرية حيث يحكم الشعب حفنة من كبار الضباط يرأسهم زعيمهم.
بعض هذه الانقلابات سلمت الحكم للسلطة المدنية كما حدث مع الرئيس سوار الذهب في السودان غير ان السلطات المدنية الفاشلة اغرت الجيش مرة اخرى بالانقلاب فجاءت حكومة من الجيش لتتوج عهدها بفقد نصف البلاد ومآسي في دارفور و.. الخ، على اي الاحوال فليس مقالي هذا لمحاسبة احد ولكن لوضع اصبعنا على النقطة الحرجة التي عندها تثور الشعوب كما حدث في تونس ومصر وما سبق وحدث في ايران فعندما يعزل الحاكم نفسه عن شعبه او يُعزل بمن حوله فلا يعرف ما يفعل من حوله بالشعب من فساد وظلم وعندما تضيق السبل للعيش الكريم للشعب ويزداد الذين حول الحاكم ظلماً وغنى ويزداد الشعب ذلا وفقرا وعندما لا يسمع الحاكم صوت انين الشعب ولا يضع يده على نبضه ليحس به وعندما يحس ولا يبالي ويفسر ذلك حسب اهوائه واهواء من حوله عندها يصبح الموت والحياة شيئا واحدا فتثور الشعوب وعندما تثور الشعوب فلا رجال امن يردونها ولا جيش يستطيع ان يمنعها وتستجيب ارادة الله لها بعد تقديم الشهداء فتمنح الحياة من جديد ويموت الحكام ولا يؤسف على الظلمة ولكن تظل الشعوب لا تموت خاصة الشعوب التي في داخل دمها جينات الكرامة والايمان بأن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرماً فلا تظلموا فالظلم ظلمات.
اسأل الله ان يجنب بلادنا السوء ويحفظ ديننا وأمتنا ولا يسلط علينا الظالمين ويولي علينا خيارنا وأن يسخر لمليكنا البطانة الصالحة التي تدله على الخير وتعينه عليه، والحمد لله رب العالمين.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *