[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ثـامر عدنان شاكر[/COLOR][/ALIGN]

\” نريد منكم أيها السادة أن تغادروا عالم الرجال وأن تعودوا أطفالاً ولو لساعة \”!!هكذا بدأت الدكتورة أروى خُميَس محاضرتها بالنادي الأدبي في ليلة مميزة … كان فيها حس الشباب حاضراً وبقوة مولداً أمواجاً وأعاصير زلزلت أركان الحضور في صورة حية لما
يمكن أن تحدثه الإرادة الشابة .
والمحاضرة بكل ما حملت من شجون وأحلام وآلام وآمال، إلا أنها كانت واقعية في طرحها … فالحاضرون دخلوا إلى بوابة الطفولة بعدما أمسكت بأيديهم جميعاً ولم يخرج أحد رغم أنفه، ليقف الكل على نافذتها مشدوهاً ولم نعرف من بالخارج ومن بالداخل،
لنتسائل حينذاك … أحقاً نعي حقوقنا إتجاه أبنائنا !!
ليطل علينا فجأة برأسه مسترستيفين كوفي مؤلف كتاب \” أكثر العادات السبعة تأثيراً \” … ليذكرنا بمقولته الشهيرة والتي تسللت إلى مسامعي فجأة …\” حين تُربي إبنك فإنك تربي أحفادك …. فالإبن سيكون أب الغد الذي سينشأ جيلاً بأكمله … إذن
تكفل برعاية أحفادك من الآن \”!!
وأدب الطفل هو ركيزة أساسية في تلك المنظومة التربوية المهملة … ولا جدال فالواقع مؤسف وكتب الناشئة فيها ما فيها …. وهذا أحدهم يشكي حاثة مع ابنته، \” لينا \” إبنة السبع سنوات التي لم تتمالك نفسها حين أستمعت إلى القصة التي كان يقرئها عليها والدها ذات مساء … فقد اكتشف الأب الغلبان أن الشجرة التي تصل لعنان السماء يسكن أعلاها غولاً يأكل الأطفال كما حملت الصفحات الخبر بسطورها ورسوماتها الفاضحة !!ليتفادى الأب الكارثة مغيراً النهاية مستعيداً مشاهد مختزلة أكثر حنانا ورقة، حتى تبتسم الطفلة وتنام !!ولا ندري أي مؤلف قصص أطفال هذا الذي يمتلك ذلك الكم الهائل من
العدوانية والكره؟ ! هذه هي النماذج التي تزخر بها مكتباتنا … قصاصات ورق بلا هدف، في حين أن الطفل الأمريكي اليوم تعادل ثقافته ثقافة شاب أنهى دراسته الجامعية … والفضل الأول للكتاب !!
لكن أروى خميس تحلم وقد جاهرت بما يجول في الخاطر … تحلم بإن يخترق أدب الطفل حجب التعليم بمراحله المختلفة ليُبني على أسس صحيحة فتولد كوادر مؤهلة …
أن تداعب أحلام الناشئة … تحلم بأن تنشأ الدورات والمراكز وورش العمل لتنمية ذلك الفرع المهم من الأدب المجهول الهوية في مجتمعنا العربي … تحلم بغربلة ما يوجد اليوم من غثٍ يملئ أرفف مكتباتنا … وأن لا يكون القاص مجرد أديب أعجب بقلمه ذات
مساء فقرر أن ينسج قصة بائسة قد تكون مروعة في نهايتها فيكون الأجدر بها أن تصنف كــ \” فيلم رعب \” .. أو أن يكون كاتبها أكاديمياً جامداً فتأتي الصفحات فجة بلهاء بلا \” منطق اللامنطق \” والذي أشارت إليه في محاضرتها !!إنه التمازج الحي ما بين عمل أدبي وما بين إحساس قلم مرهف يكتب مستعيداً ذكريات الماضي .
تحلم بعولمة عربية، يشعر الطفل فيها بعمق لغته، وأنها لم تصبح بعد فريسة للهجاتنا العامية .. تحلم بمكتبات أنيقة تتعدى روحها رداء القرطاسيات الموجودة اليوم …
بيد أن الصوت الذي حمل تلك الأحلام ذاك المساء والذي كان مفعماً بالمسؤولية والحماسة أصر أن يعلنها جهراً …\” كتابة الطفل ليست الدرجة الأولى في سلم الكتابة ولم تكن تدريباً من أجل هدف آخر \” ، وحينها عرفنا السر فلولا صدق الحلم ما وصلت
تلك الكلمات للقلوب … لما صمت الجميع يتأمل ويفكر .. الجدير بالذكر أن الدكتورة أروى خُميّس لم تتخصص في أدب الطفل كأكاديمية … كل مؤهلاتها شهادة حياة … أتت تحت مسمى \” طفولة سعيدة \”!!..إذن مجرد طفولة سعيدة وذاكرة طفلة حية لم تغتالها الأيام … صنعت نموذج ناجح ومميز أخذ على عاتقه تلك الرسالة السامية .
أماّ أنا ورغم مؤثرات الصوت والإلقاء المتقن إلا إني أختلف معكِ أيتها الدكتورة الرقيقة … فأنا لن أعود طفلاً … زمن الطفولة ولّى بلا رجعة … لا داعي أن نزاحم أنبائنا مساحتهم الخضراء فلندعم يحلقون في السماء ولنتأكد فقط أننا نقوم برسالتنا على
أكمل وجه . أننا نبني فعلاً إنساناً حياً تنبض عروقه ناراً ويحمل قلب إنسان … إنسانُ يشعر ويحب ويعرف معنى العطاء … فيعطي لوطنه بلا حساب !!
دمتم ودام الوطن أخضر وبألف خير

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *