لا للوظيفة.. نعم للعمل الحر

• عبدالرحمن آل فرحان

حضرت قبل يومين دورة تدريبية عن ريادة الأعمال للمدرب المهندس مشبب القحطاني مدير معهد ريادة بعسير ، مدتها لم تتجاوز الساعتين ، لكنها والحق يقال: كانت بمثابة مراجعة سريعة لمفاهيم خاطئة عشعشت في أذهان معظمنا، منذ فجر اليوم الدراسي الأول ، منها مفهوم ( الوظيفة والأمان الوظيفي ) و( انجح عشان تتوظف ) و( احصل على تقدير عال لتتمكن من المنافسة في الخدمة المدنية ) وغيرها،

مما كان له الأثر البالغ في تخدير قوانا الريادية وطموحاتنا الإبداعية أيام ما كنا طلابا في المدارس ، ذات المفاهيم التي نسوقها لأولادنا وبناتنا اليوم ، نمطرهم بها ونحن شبه متيقنين أنها هي الأيقونات التحفيزية المثالية لهم على درب المستقبل ، مع أن الحقيقة تقول: إنها ليست سوى حقناً مخدرة لآمالهم ، ولوياً لطموحاتهم وإبداعاتهم ،

بل إذا جاز لي التعبير .. أراها جريمة تربوية وذهنية بحقهم ، فحينما تصبح الوظيفة جبراً أقصى طموحات الشاب فذلك مدعاة لضياعه وتيهه ، فالوظيفة دائماً مرهونة بأمور خارجة عن إرادة الباحث عنها وليست معقودة بناصية الشاب وقدراته ، فكم من شاب حصل على أكبر الشهادات وأعلى الدرجات ومع ذلك لم يجد الوظيفة التي يريد؛ إما لتردي الأوضاع السياسية كما في بعض البلدان ، أو بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية كحالنا اليوم ،

أو حتى لأسباب اجتماعية بحتة مثل ارتفاع نسبة الفئة الشبابية مقارنة بكبار السن المستحقين للتقاعد مع محدودية الوظائف ، كل هذه الأسباب وغيرها معظمنا لا يأخذها في الحسبان وهو يربي طفله أو تلاميذه على حب الوظيفة ، والنتيجة تزايد البطالة المقنعة التي ليس لها علاقة بتوافر فرص العمل، بقدر علاقتها باستعداد العاطل نفسه للإقدام والشجاعة في استغلال الفرص المتاحة في السوق ، والمسؤولية لا يتحملها الشاب وحده ،

بل يتحملها معه أبوه ومعلمه الذي غرس في نفسه أن الوظيفة هي طوق النجاة الوحيد في هذه الحياة ، حيث يؤكد مدير معهد ريادة من واقع تجارب المعهد أن معظم الشباب الذين يستدعون لمنحهم القروض والتسهيلات تعرقلهم هذه الثقافة السلبية ، فيغرقون في حالات حادة من التردد والخوف والقلق والرهبة سيما حين يصلون للمرحلة الأهم في البرنامج ، وهي مرحلة استلام القرض والشروع في العمل الخاص؛

لذا إن كان فينا من يحب ابنه ويرجو الخير لطلابه فعليه أن يعلمهم من الآن كيف يصنعون أعمالهم الخاصة بهم ، لا نقول لهم: اتركوا الدراسة وانزلوا الأسواق ، بل نقول لهم: ادرسوا وتعلموا .. لكن ليس من أجل الوظيفة ،

بل لتتمكنوا من إدارة متاجركم أو مصانعكم أو عياداتكم أو صيدلياتكم أو مشافيكم أو مكاتبكم الهندسية أو القانونية بأنفسكم ، هكذا نبني فيهم الثقة والهمة والطموح وفضيلة الاعتماد على النفس .
[email protected]
twitter: @alshehri_ar_zaf

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *