لا تنسي الولاّعة يا ندووووش
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أنس الدريني [/COLOR][/ALIGN]
التأثر بأبعاده المختلفة يؤدي إلى التقارب بين شخصين نتيجة انبهار أحدهما بالآخر ربما لأنه قد وافق هواه أو انه قد آنس فيه تطابقا فطريا جعله يميل إليه بدون إرادة. الجميل في الأمر عندما يصبح للتأثر انعكاس إيجابي على السلوك ليجّمله و الطبع ليلطفه والخُلق ليجعله رفيعا راقيا هنا يكون المكمن حساسا حيث القدوة الحسنة التي تسهم في بناء شخصيات مميزة في المجتمع، الأمر أكثر وضوحا لدى الأطفال لأنهم يتأثرون سريعا بمن حولهم . قد تقع عينيك على طفل تأثر بشكل سلبي من خلال مطالعته للتلفاز بشخصية كرتونية عدوانية أو أي شخصية تحمل جوانب غير مهذبة في ظروف كهذه ثق بأن غياب القدوة الحسنة من أهم الأسباب لحدوث ذلك.المؤسف في الأمر أننا في أحيان كثيرة قد نؤثر سلبا في أبنائنا من حيث ندري أو لا ندري.. دعوني اذكر لكم هذا الموقف الذي حصل أمامي قبل يومين كنت في أحد المحال لشراء بعض مستلزمات البيت إلى أن جاءت طفلة صغيرة تطلب من البائع نوعاً معيناً من السجائر (ديفيدوف ) البائع لم يسمعها جيدا جلب لها من الرف المخصص للسجائر نوعاً آخر وهذا ما دعاها لتزمجر وترفع صوتها ( أعطيني ديفيدوف أبو علبة صفرا أنت ما تسمع) هنا شعرت بالدهشة العارمة لكن سرعان ما بدد أجواءها صوت والد الطفلة المزعج الذي خرق آذني بعد أن تدلت رقبته من نافذة السيارة قائلا ( لا تنسيِ الولاّعة يا ندووووش ) .استوقفت اللحظات متخيلا هذا الأب في بيته قلت في نفسي من المؤكد أن ما خفي سيكون أعظم بكثير من علبة السجائر خيّل لي في تلك اللحظة أن هذا الأب يطلب من طفلته الصغيرة تجهيز رأس الشيشة كل مساء .. هنا تبادر إلى ذهني تساؤل بديهي ترى لماذا لم ينزل بنفسه ويبعد ابنته عن أجواء التأثر بمعرفة أنواع السجائر التي من المؤكد أنها ستؤثر في سلوكها ذات يوم مخّلفة ما هو أعظم من علب السجائر والولاعة .. المعروف أن الطفل في عمر كهذا وظروف كهذه يكون أكثر تهيئا للانحراف والانفلات فطبيعة تكوينه تجعله ميالا للتأثر بمن حوله .. وهنا إن لم تكن البيئة المحيطة به نظيفة من السلوكيات والممارسات والألفاظ غير السوّية سيكون لذلك انعكاس على نشأته وربما كانت بداية حقيقة لمسلسل طويل من الانحراف عن الطريق السوي في سنوات مراهقته، عليه لا بد أن ندرك حجم هذه الأمور التي قد تبدو بسيطة في مجملها بيد أن حقيقتها تحمل جوانب تأثيرية كبيرة. لا بد أن يعي كل رب أسرة حجم مسؤوليته ويراعي الله في تربية أبنائه . الأمر أيضا مدعاة لجهود أكاديمية حثيثة لدراسة مثل هذه المشاكل من جميع الجوانب لمعرفة أسبابها والعمل جديا نحو توعية الأفراد بطرق علاجها أخيرا حري بنا أن نتذكر التوجيه النبوي السامي الكريم كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ليكون نبراسا ودرسا وافيا لنؤدي الأمانة على أكمل وجه
التصنيف: