لأني فقير .. أشتري الأجود

• د. منصور الحسيني

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. منصور الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

عنوان المقال هو قول شهير ردده كثيرون بصيغ مختلفة، يعتبر نهجاً عملياً محموداً يفتقر إليه غالبية المجتمع العربي عموماً، ومع الأسف الخليجي خصوصاً بسبب الوفرة المالية التي جعلتهم يعكسون النظريات الاقتصادية بطريقة عشوائية تجعل الفاعل يعتقد أنه الشاطر وفي الحقيقة هو الخاسر.
عندما تكون صاحب دخل محدود أو ميزانية منضبطة لابد أن تشتري الجيد لكي لا تتحمل مصاريف السيئ، كمثال قد تحتاج لشراء جهاز إلكتروني وتجد أن هنالك نوعين الأول بمائة ريال والثاني بثلاثمائة ريال، الغافل الذي يظن أنه شاطر يذهب بدون تردد للأقل سعراً اعتقاداً منه أنه وفر مئتي ريال من سعر الشراء، والحقيقة التي لا يدركها بالرغم من تكرارها بشكل كبير في مختلف مشترياته تؤكد أن من أشترى الجهاز الأرخص قد بدله خلال فترة من الزمن أكثر من مرة وبمبالغ أكبر أو أنه يعاني منه ويصرف عليه صيانة لو جمعت لتبين أنها أكثر بكثير من الفرق في السعر بين الأجود والأرخص.
تختلف المعايير باختلاف نوعية الاستخدام والمدة، فهنالك من يشتري مستلزمات شخصية ويسترخص فيها وتكون سبباً لمعاناة صحية تكلفه الكثير من المال والألم، وقد تكون سبباً في خسارة صحته أو عمره بالكامل، والسبب أن الفاعل لم يفرق بين الجودة والسعر، معتقداً أن الأرخص لا يفرق عن الأغلى، ولم يكلف نفسه بالبحث عن محتويات و مكان ومستوى التصنيع وخلافه، لأنه يعيش حياته ينظر للسعر بشطارة ولا يعي أنه يؤسس للخسارة.
المجتمع هو السوق الذي يفرض إقياع الجودة على التاجر بمساعدة الجهات الرقابية التي قد تجيز المنتج المباع لأنه لا يسبب الضرر المباشر ولا تتدخل في مستوى جودة ما تشتري أنت/أنتِ لأن القرار شخصي بالرغم من نتائجه السلبية على المجتمع برمته، ولكن تأتي الطامة عندما يُطبق نفس المفهوم الضار من قبل مؤسسات الدولة من خلال نظام سرطاني يسمى (المناقصات).
نظام المناقصات من اسمه يعني الهبوط بالجودة، لأن الهدف تخفيض السعر (مناقصة) والوصول له يكون على حساب الجودة ونتائج المشاريع تغني عن السؤال، ولهذا يتعامل العالم المتقدم مع المواصفات العالية التي تُحدد تكاليفها التقريبية مسبقاً ويتم بناء عليها وعلى الخدمات المقدمة اختيار الفائز، والمتعهد الذي يقدم تكلفة أقل مما هو محدد بكثير يُرفض وقد يُضع اسمه في القائمة السوداء لأنه يعتبر مخادعاً، هم يبحثون عن الجودة لتوفير تكاليف الصيانة ونحن نتمسك بنظام المناقصات للتحليق بعقود الصيانة التي قد تفوق تكلفة المشروع بعد سنوات قليلة بمليارات كثيرة.

عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *