عبد الناصر بن علي الكرت

منطقة الباحة تعد بفضل الله تعالى من أغنى مناطق المملكة في كثرة الغابات والأشجار ووفرة الغطاء النباتي الذي يغطي الأودية والسفوح والجبال..كونها تحظى بأعلى كمية أمطار على مستوى البلاد ، كما أن تربتها على درجة عالية من الخصوبة – وفق ما يشير إليه المختصون – لغناها بالعناصر المعدنية ،

 

مما أدى إلى هذا التنوع النباتي بالأشجار والشجيرات المختلفة في ألوانها وأحجامها وأشكالها وثمارها وزهورها وروائحها . لدرجة أن جبل شدا الشهير لوحده يحوي قرابة 60 في المائة من النباتات عموما في المملكة من حيث النوع ، وهناك نباتات ربما تكون غير معروفة أو غير موجودة في مواقع أخرى . الأمر الذي يستدعي أن تتحرك شركات الأدوية وكليات الصيدلة لاستثمار هذا الثراء والتنوع .

والبيئة -كما هو معروف- صديقة الإنسان ، فهي تزيد نسبة الأوكسجين اللازم للحياة وتمنح البهجة والراحة النفسية وتمده بالكثير مما يحتاج إليه .. فالبيئة الجميلة ملهمة للشعراء والبيئة النقية مكان للاسترخاء ومجال للاستشفاء ، تطرد الكآبة وتبعد الملل من النفوس وتجدد الطاقات وتشعر المرء بالسعادة ، حيث تكون لها انعكاساتها على النفسيات دون شك ، وقد أثبتت دراسات علم النفس هذا الجانب . حيث أضحت السياحة البيئية من أهم مقاصد الكثير من السائحين الذين يقصدون المواقع البيئية الجميلة في العالم لهذا الغرض .

ولأن منطقة الباحة بأقاليمها المتباينة بهذا الجمال وهذا الثراء من النباتات والأحياء الأخرى بما فيها الفراشات الملونة والعصافير المغردة وبقية الكائنات ذات الأشكال المدهشة والأصوات الموسيقية المريحة ، تدلل على عظمة الخالق العظيم وعلى حسن صنعه والتي تجعل الإنسان دائم التأمل والتسبيح لله عز وجل . لذا فإن المحافظة عليها تعد من أهم الواجبات على الفرد والمجتمع .

لكن ما نلاحظه من إهمال متعمد من بعض أفراد المجتمع يجعلنا نصاب بالحزن الشديد لما تتعرض له البيئة من حولنا، نتيجة عدم استشعار قيمة هذه الثروة الهامة في حياتنا . فهناك من يستسهل إلقاء النفايات في أجمل الأماكن وأطراف المنتزهات وهذا ملاحظ مع الأسف . وآخرون يتركون العلب والأكياس البلاستيكية ويمضون ليحملها الهواء إلى الأشجار والشجيرات القريبة والبعيدة لتعلق بها وتقبع تحتها ليمر وقت طويل قبل أن تتحلل بما تنفثة من سمية لتلك النباتات والأحياء التي تعجل بهلاكها .

والمشاهد للبيئة يدرك بأنها ليست بالصورة التي كانت عليها سابقا لذات الأسباب ! فمواقع شبه متجردة من غطائها الأخضر وأشجار تيبست وأحياء اختفت دون نعلم بأنا كنا سببا في ذلك دون أن ندري !!
ولأن المسألة ليست بهذه البساطة كونها ثروة تباد بشكل متسارع لسوء التصرف فمن المطلوب سن قوانين قوية لحماية البيئة ، ويظل من الأهمية أن تتظافر الجهود وتتكاتف الأيادي وتتلاقح الأفكار للعمل بصورة منظمة للحفاظ على البيئة بجمالها المعهود بل الحرص على امتداد الرقعة الخضراء وزيادة الغطاء النباتي لتظل منطقتنا مكان جذب سياحي على الدوام .

ومن الأهمية كذلك تشكيل جمعية أصدقاء البيئة لتكون ضمن مؤسسات المجتمع المدني الهادفة لخدمة المنطقة والمحافظة على جمالها بالطرق والوسائل والإمكانات المتاحة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة . فهاك الكثير من المتحمسين لموضوع البيئة من مختلف الشرائح والذين سيعززون نجاح مثل هذا المشروع الحيوي وبالله التوفيق .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *