كيف الوصول إلى «السهل الممتنع»؟!
محمد الفايدي
** في لحظة ترددت \”أكتب هذا الأسبوع أم اعتذر، فردت كل الصحف الورقية أمامي اتفرج علي بعض العناوين والأخبار فوجدت كل الصحف الخمسة تكاد تكون نسخة واحدة إلا من بعض التحقيقات وقلة مقالات من الكتاب التي تختلف من صحيفة إلى أخرى لكنها على طريق سلق البيض على اعتبار أن الطرح الكتابي يحتاج إلى فكرة وعمق وتحليل وأسلوب كتابي على طريقة \”السهل الممتنع\”.
أصدقكم القول أن نوعية المادة الصحافية التي تطرح لا تشجع على القراءة ولا على الكتابة وكدت أن أعتذر لرئيس التحرير عن كتابة مقال هذا الأسبوع خاصة وقد فرق بيني وبين جاري المبدع علي خالد الغامدي ونقل مقالته الأسبوعية من \”رحلة الأيام\” إلى صفحة أخرى أكثر وجاهة ولكنه تركني وهو قد لا يعرف أن مجاورة السعيد فيها كل السعادة وأنا الذي يتعلم من مجاورته لمقالاته علي خالد أسلوباً وسلوكاً وأخلاقاً تجتمع في كاريوزما واحدة وفي هذا \”الولد غامد\”.
إنني أدين لجيل من الصحافيين الكبار الذين علمونا كيف نحصل على الخبر وكيف يكتب التحقيق، ومتى نقول نعم ومتى نقول لا. أعطوني في الوقت الحاضر صحفيا واحدا يجيد لغة الاختزال وآخر يجيد لغة الاقتحام، واثقاً من موهبته في الحصول على مادة صحفية يطرب لها رئيس التحرير عندما يتأكد أنها إضافة لصحيفته في اليوم التالي.
صحيح تطورت أساليب التقنية وساعدت على وصول الخبر والتحقيق في طرفة عين إلى مقر الجريدة الرئيسي لكن ذلك التطور والإنترنت لم يصاحبه تطور في الأفكار واللغة الصحفية لجيل الصحافة في الوقت الحاضر وكم اغرورقت عيوني وكادت تذرف دمعها تحسراً على زمن جميل مضى كان الحصول فيه على الخبر عملية شاقة جدّاً والتحقيق الصحفي أكثر مشقة لكن الذي يعزي الصحفي بعد كل ذلك أنه يقدم خبرا مكتمل العناصر ويكتب تحقيقا تشم وأنت تقرؤه رائحة الصدق، فهل يفعل جيل الصحافة هذه الأيام ذلك؟ فالتقنية خربت شباب الصحافة وأخذت منهم الحماس وأعطتهم التكنولوجيا، أما نحن الجيل السابق فقد اعطتنا المثابرة في الصبر والتحمل وأخذت منا الصحة، وكل جيل يدعي التميز فالحكم في البداية والنهاية للقارئ .. إليه كذلك .. وأنا لست الا قارئا في الوقت الحاضر لا يعد من زمرة الكتاب إلا أحياناً.
التصنيف: