[COLOR=blue]تماضر اليامي[/COLOR]

في رمضان السعودية يفطر أهل الشرقية قبل أهل الوسطى وأهل الوسطى قبل أهل الجنوب وهؤلاء قبل أهل الغربية وآخر من يفطر هم أهل الشمال تقبَل الله منَا ومنهم. والفرق بسيط في مواقيت الغروب هنا وهناك ويكاد لا يذكر ولكن ماذا عن باقي دول العالم؟.. ماذا عن مسلمي الدول التي تتجاوز فيها ساعات النهار الإثني عشرة ساعة بل وقد تصل الى الواحد والعشرين ساعة والأربع وعشرين ساعة وصولا الى تلك المناطق المأهولة بالسكَان والقريبة من القطبين الجنوبي والشمالي حيث يستمر النهار لعدة أشهر.
وقد اختلف المفتون في الإجابة عن أسئلة المسلمين المتضررين من هذا التباين الجغرافي في مختلف أنحاء العالم فمنهم من يرى أن الله تعالى عندما فرض الصيام على الأمة الاسلامية بيَن ابتداء الصيام وانتهاءه بقوله سبحانه: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) ولم يخصص هذا الحكم ببلد، ولا بنوع من الناس، بل شرعه شرعاً عاماً، ليشمل سائر البلاد. وبذلك فمن شهد رمضان من المكلَفين، وجب عليه أن يصوم سواء طال النهار أو قصر، فإن عجز عن إتمام صيام يوم وخاف على نفسه الموت أو المرض، جاز له أن يفطر بما يسد رمقه ويدفع عنه الضرر، ثم يمسك بقية يومه، وعليه قضاء ما أفطره في أيام آخر يتمكن فيها من الصيام. ولكن هل يعني ذلك ان يصوم المسلم عشرين ساعة ثم تنفد قدرته على الاحتمال فيفطر آخر ساعة أو سويعات من النهار فيجب عليه القضاء وقد صام أكثر من معظم المسلمين؟ أم ان هذه الفتوى تجيز ان يفطر المسلم الذي يصوم في مثل هذه الظروف التي لا يحتملها شهر رمضان كاملا ويقضيه في ذلك الشهر ذو الأيام الأقصر من السنة بحيث لا يصبح رمضان شهر الصوم؟!
بينما يرى مفتون آخرون أن يصوم هؤلاء حسب توقيت بلدهم الأم أو أقرب بلد اسلامي لهم ثم انَ هناك من يرون ان يكون صيامهم حسب توقيت مكة المكرمة. وفي ظل هذه الاختلافات الفقهية والاجتهادات في آلية أداء فريضة أساسية وركن من أركان الاسلام يتخبَط المسلمون هنا وهناك ويقضون شهرهم الفضيل بين نارين، نار تكليف أنفسهم فوق وسعها واحتساب القبول ونار الأخذ بأيسر الفتاوى والتشكُك في قبول صيامهم. بينما هناك على الجهة المقابلة من الخريطة من آداء فريضتهم لا يتجاوز بضع سويعات في اليوم الواحد! وفي حال أخذنا بالفتوى الأولى والتي لا تأخذ بالحسبان ظروف الزمان والمكان، فهل يصح ان يتَجه المسلمون لهذه المواقع الجغرافية الملائمة لقضاء رمضانهم بكل يسر وسهولة ثم العودة من حيث أتوا؟ ولكن هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون..! وهل تؤاخذ الفئة الأولى على موقعها في أرض الله وعلى سنن كونية هي من خلق الله!
ثم ان أخذنا بفتوى الامساك والافطار بتوقيت مكة فمن يضع حدود هذه الفتوى؟ وهل يأخذ بها كل من يتجاوز نهارهم الإثني عشرة ساعة أم العشرين وما الدليل على هكذا حدود؟
وأخيرا قال تعالى: \”لا يكلِف الله نفسا إلا وسعها\” وقال: \”يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر\” وقال: \”ان الله يأمر بالعدل والإحسان\” وعلى ضوء هذه الأدلة وغيرها كثير في نفس النطاق، أتمنى ان تعاد دراسة هذا الموضوع الذي يهم كل مسلم ومسلمة بحكم انه يمسُ حياتهم في مرحلة أو أخرى والإتفاق على فتوى شاملة أقرب للعدل والوحدة والتيسير يأخذ بها الصائمون أينما كانوا.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *