من المؤسف والمخزي تفشي تلك الظاهرة الدموية السيئة في مجتمعنا بشكل كبير، ظاهرة المتاجرة بالدماء لعتق الرقاب ، تلك الظاهرة التي أصبحت وسيلة للمتاجرة من أجل الحصول على مبالغ تصل إلى عشرات الملايين دون أدنى تقدير للعقل أو المنطق، وهي لا تتوافق مع سماحة الإسلام وحثه على العفو والتسامح ، وقد يكون بذلك التعجيز حرمان من الأجر فكيف يهنأ أصحاب الدم ويتمتعوا بأموال مغسولة بدماء أبنائهم !
فإما عفو لوجه الله أو دية مقدرة ومعقولة أو قصاص بحكم الله وشرعه، لا وسيلة للربح المؤكد والثراء السريع بتلك الطريقة المقززة، فهناك من يتلذذ ببيع أرواح الآخرين وقد أعمته وأغرته ملذات الدنيا فلا يعفو ولا يقتص ولا يطلب المعقول كذلك، وبذا يتجاوز الأحكام ويضرب بجميع قواعد الترابط الإنساني عرض الحائط.
كم أتمنى من جهات الاختصاص إيجاد حلول جذرية وتدخل فوري للحسم بقرار من بعد مراجعة ودراسة يتم اعتمادها لوضع قدر معين وسقف محدد لا يتجاوزه أصحاب الدم ويكون بالقدر المعقول. فالمال لن ينفث في روح القتيل ويعيده إلى الحياة مرة أخرى ، والمرجو من العفو الحصول على الأجر من الله وليس من الناس ! فلا تعطوا الناس أملاً بشروط تعجيزية وتذلوهم وتعجزوهم وسامحوا واصفحوا من أجل الأجر والثواب الذي سوف تحصدونه إن شاء الله يوم العرض والحساب.
تلك المهازل والمتاجرة بالملايين لعتق الرقاب تُرهق الأهالي من قبل ضغوطات بعض أهل الدم ومطالباتهم بمبالغ خيالية حتى وإن كان القاتل ليس مجرماً ولا صاحب سوابق، وقد كان في حالة (دفاع عن النفس) ! ومما لا يدعو للشك أو التأويل أن الشريعة الإسلامية متكاملة ونصوص الحقوق فيها واضحة وصريحة وهي في الأول والأخير تصب في مصلحة المجتمع وإعطاء كل ذي حق حقه خصوصاً في حقوق القتل حتى لا يتجرأ الناس على سفك وإراقة الدماء بدون أي تردد أو خوف مع سبق الإصرار والترصد وشرعت القصاص كحد من حدود الله عندما يقدم إنسان على إزهاق روح بريئة ، ولكنها حببت كذلك في العفو والصلح والصفح لوجهه تعالى وعظمت الأجر لفاعلها. ومن بعد هذا الحديث والمقال المُلطخ بالدماء لا يسعني القول إلا:(وأسفاه على زمن أصبحت فيه قيمة الميت أكبر من قيمة الحي).

‏rzamka@
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *