[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

يقول المثل اليمني \”كل مسافر يعود إلا رهين اللحود\” بمعنى انهم فقط الموتى لا يعودون. عاد المثل الى ذاكرتي وانا استجمع خطوات رحيله، قدم هنا وقدم أخرى دون أن يدرك صارت حيث سيذهب.
نساعده في انتقاء الهدايا لزوجته واطفاله، ونتمنى لو كنا معه لحضور الاحتفاء بذكرى مولدها. يضع في جيب بنطلونه الأوراق التي أعدها كي يتذكر ما تبقى عليه من المشتروات، ثم يبحث عن الورقة عندما يحتاجها في كل الجيوب الأخرى فلا يجدها.
ويعود الى استخدام ذاكرته فيشتري اشياءً يلقاها في اول محل، متخليا عن هوايته في المفاصلة والمقارنة بين الاسعار والماركات. يشعر بالانهاك رغم ان قائمته لا تزال في بدايتها، ويحاول الاستراحة في هذا المكان او ذاك لكنه سرعان ما يستأنف الحركة دون ان يستريح فعلا.فهو يظن ان الارهاق بسبب الجهد الذي قام به جسديا في المشاوير المكوكية طوال اليوم، لكنه في الحقيقة كان تعبا نفسيا بسبب الارباك الذي اصابه نتيجة تأكيد موعد حجزه فقط في نفس اليوم. لم يكن قبلها قد استعد، ولا تهيأ نفسياً للسفر. فحاول تنظيم وقته بين بقية اجراءات كان يقوم بها، ومشتروات عليه استكمالها، ومشاوير معلقة كان قد أجلها.وكانت هناك مكالمات هاتفية لابد منها، وأخيرا ترتيب الحقيبة برغم الملابس الموزعة بين المغسلة والمكوى، والأشياء التي عليه ان يتذكر وضعها فيها.
هكذا كان حال اخي وهو يودعني هذه المرة، في عيونه قلق بسبب تركه لي في الظروف الصحية التي امر بها، وفي أصابعه توتر من الحال وكلماته موزعة بين ما تبقى هنا، وعن ترتيبات وصوله هناك. صار حقيقة بمجمله في اليمن وهو لا يزال بعيدا آلاف الاميال.
ذكريات وشجون:
أذكر عندما انهيت مناقشة رسالة الدكتوراه ثم الاوراق التي ترتبط بها، وبعد تقدير كلفة حمل الكتب التي كانت ثمينة لفكري وحياتي في تلك اللحظة بحيث لا يمكن الاستغناء عن بعضها. و بعد جهود التخفيض والحصول على اوراق من الجهة الفرنسية المانحة يسمح بدفع تكاليف نقل جزء منها الى اليمن، صارت المشكلة فيما تبقى.وهكذا خضت كما اذكر اسبوعا صعبا حتى حصلت على اعفاء وتخفيض قدمته اليمنية لما تبقى. وبحمولة عبوتها واحد وعشرين كرتوناً وحقيبة ملابس وورقة تخفيض، وصلت الى المطار واخذت كل الاجراءات المطلوبة لنقل الحمولة المكتبية، وجاءت إجراءات دور سفري فلم أجد التذكرة.
أصبت بالرعب من العودة الى منزل قد سلمته الى اصحابه، وظروف غير ملائمة لتأجيل السفر عندما رن هاتف مدير مكتب اليمنية لتبلغه صديقتي انها بينما كانت تنقل أكياس الزبالة الورقية التي كنت قد طلبت منها ان تتولى توصيلها الى سيارة نقل المخلفات، سقطت التذكرة من رأس احد الأكياس. حلت المشكلة وكان الوقت كالسيف وانا قدم في باريس وقدم وروح في صنعاء.

[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *