[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]

المجتمعات القادرة على كتابة تفاصيل حياتها اليومية دون شعور بالخجل أو العار، هي المجتمعات التي تتمكن من تقليل حجم الأفعال الشائنة. البعض قد لا يتفق معي في هذا الرأي ويعتبر ان هناك مواضيع يجب ألاَّ تكتب حتى لو كانت من مألوف افعال واقوال الناس، وهنا تأتي القضايا المرتبطة ببعض متعلقات اجسادهم.في هذا الشأن جاء عصر استكتب فيه الأمراء والملوك متخصصين، مؤلفين من العلماء والظرفاء كي يبحثوا ويوثقوا في قضايا يتم تبادلها بين الناس في مجالسهم الخاصة لكنهم لا يتخيلون ان توثق في غير الذاكرة كي تنتقل من جيل الى آخر حسب ظروف الزمان والمكان.
هذه الأيام صار لدى الشباب مداخل الى هذا النوع من المعلومات واكثر ليس فقط بالكلمة المكتوبة بل بالصوت والصورة والحركة. وهناك مناداة بإدخال الجانب العلمي لهذا الموضوع في المناهج الدراسية، والبعض يقبلها والبعض الآخر يرفضها.
محاولات للطريق الصعب:
يصدف أن تأتي قصص تستحق المتابعة والتسجيل خاصة لدى بعض الباحثين أو الطلاب الذين يقدمون مشاريعهم الختامية حيث يتعرضون للمسكوت عنه ويحدثون المشرفين عليهم عن افكارهم بشكل غير دقيق، وتسيطر عليهم التصورات التي يرغبون في التعبير عنها دون أن يستمعوا الى التوجيهات والملاحظات التي تقال لهم. هنا تأتي المشاكل فعلاً. فالقصص التي ترتبط بهذه المواضيع تنحو الى المبالغة والتضخيم احيانا والسخرية واستخدامها فرصة لمزيد من الطرافة والاضحاك احيانا أخرى. وبسبب المبالغة يأتي سوء الفهم الذي يوفر اشخاصاً متحمسين للرفض والمعارضة وآخرين مدافعين عن الحرية الشخصية والعلمية وحق التعبير.
هذه عادة تكون الساحة المناسبة للصراع واستخدام ادوات القمع المتاحة مع او ضد الموضوع المطروح للنقاش. ويصبح من جديد ذلك الموضوع الذي يقال ولا يكتب مشروع احياء واسع المدى للذاكرة المتداعية. وربما يصبح مشروع تحديث للعبارات القديمة والتشبيهات التي لم تعد متزامنة مع اللغة السائدة، لإيجاد مساحة للتاريخ الشفوي يستمد منه المستشرقون والمستغربون مادتهم الخصبة لسجل مكتوب يعود ثانية الى مجتمعه الذي انتجه بعد فترة طويلة او عبر قنوات غير رسمية كالانترنت وغيرها.
أن تكتب عن المسكوت عنه أمر ممكن اذا قدمته بطريقة تتناسب مع المكان والزمان والجمهور المستهدف. لكن أي خلل في هذه المعادلة هو مجال اللبس وسوء الفهم وفرصة تلقي الغضب والنقد القاسي والاحكام المشينة.والخطر ليس هنا بل في الاشخاص ممن يكتفون بالسماع للحكم على موضوع او اشخاص دون بينة. هؤلاء يزيدون الوقود في الهشيم ويشعلون الارض حول الموضوع والشخص على نحو يتحرك ككرة الثلج التي يزيد حجمها في كل دورة لها وتصبح عملية إيقافها شبه مستحيلة.
لعل الطلاب والباحثين يفكرون مرتين قبل استخدام اسلوب مكشوف لمعالجة المواضيع الحساسة، فكل شيء يقال يمكن ان يكتب بطريقة ملائمة تخلو من الفجاجة.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *