مصطفى زقزوق

إن من يحسن بسلامة قلمه النازف بكلمات ليس لإرادته عليها سلطان يحاول أن يتسلق بها على أعناق يتحامى بها أصحابها بالصمت احتراما لقدرهم ومكانتهم وأخلاقهم ومجاملاتهم، فنتأمل ذلك الزيف المتأنق وتسلطاته يتعادى به مع غيره بدون سبب سوى البحث عن وجاهة خادعة لذات فارغة من أية خلفية أدبية أو ثقافية ما عدا افتتانه بمظهر ألوان وصورة تتشدق بابتسامة باهتة تبعث الدهشة على من يتعصب لقراءته أو يعجب بسفسطة كلمات مجروحة الدلالة لا تنسجم مع المعنى ولا تترابط تركيباتها إلا على لخبطة يتحاشى أن يكون بها قريبا من معرفته إن جاء أو رحل فيستغل ثقة تشفق على ظروفه واغتصاب انتشار اسمه في سوق الكتب فينشر ما ينشر من غث لا بد أن تستجليه الحقائق في يوم من الأيام لعدم صلته بما يفيد أو اعتباره علما جديداً.
وخداع الكاتب للقارئ واستغفاله بغير المعقولات والمدلولات الصحيحة لا يدوم مع اطمئنانه المؤقت وما تكشف عنه الظروف من تفاهات وتجاوزات لم تجد من يقمع استرسالاتها الفاشلة إلا أن تكون عزاء ومضيعة للوقت لا يستشعر قيمتها في يقظته وحلمه وتطاولاته بلياقة ضعيفة وهواية هشة ومغناطيسية فاسدة إلا من يتفاضل بشيخوخة فكرية تتسابق بفضولها إلى صفوف الكبار وتكون تهمته أمر من قسوة التفكه به وبها.
إن وجدان الثقافة العربية يتكون من لغة ومعاناة وبهما يمكن تقدير موقف الإنسان من عالمه ومما يحيط به.. والتعبير كذلك عن كل تجربة تعبيرا يليق بالإبداع والذوق والحذر من منزلقات مخيفة قبل أن نتعرف على اسرار الجمال بعيدا عن مبالغات الخيال.
وجمال الحياة يعبر عن الفكر الذي يعي مقدار قيمته ويعترف بابتسامة الصدق لتضيء في ضمير الزمن وان من يرتفع برؤيته عن كل غاية إنما ذلك الذي يفرح بزرع روح المحبة والتفاؤل بين موانئ تودع راحلين وتستقبل قادمين في دورة لا تتوقف إلا إلى أمد والصفاء حينما لا نخطئ معرفته فنراه الصفاء بألوانه الزاهية والعاطرة وبهم ننطلق برؤى مضيئة من اجل تأكيد الحب على سجل سفر قديم ومن يرضى بمضاعفات الأحزان ولا بكتل الظلام أو ظلال أوهام متعفنة.
وسلامة انتمائنا للعواطف النبيلة لا يعني وضعنا في محل الجهل والسذاجة لنصفق مع الفوضى وعمايتها فتجرفنا إلى مرارة فلسفات ضبابية تعطل معاني التأمل والحكمة بين خضم هذه الحياة.
والجرأة والتدليس كلها عثرات تنتقل بأهلها من المسرة إلى الحسرة وإلى النقم والندم.
ومحاولة اثبات الصواب برؤية ضعيفة مثلها مثل من يحاول اصابة المبادئ بالارتباك في عالم تكتنفه تعقيدات همجية مع أن الحقيقة فوق كل زور واختلاق ومغالطات الضعفاء وان كانت تلتئم مع النفاق والتشدق بمحسوبية الانتساب إلى حضارة ثقافة غير شرعية فلأن ثقافتها ومعرفتها بدأت من جهة لا تعرف أبوابها ولا تدرك معانيها ودلالاتها لتفرضها برغم انف الجميع.
والأحاسيس الصادقة ترى بنورها وسلامة رؤيتها.. وتسمع بصوتها لا بصيتها ومن يعجب بنزفه وزيفه ويتواطأ مع ضميره فله أن ينتبه بأن للناس عقولا تستطيع تكذيب خرافات التمثيل والإخراج وتهاويل تصيبه بالاحتقار والإحراج!
أديب وشاعر

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *