بثقة المغرور، وبمنطق من عفا عليهم الدهر والعصور قال: “ما يعيبني وجيبي مليان؟، فالرجل لا يعيبه إلا جيبه!”، فلا أجد سبباً آخر مقنعاً لأن ترفضني أي فتاة إن تقدمت لها خاطباً! فلا ينقصني شيء ما دمت أملك المال! هذا وهو في الخامسة والعشرين من عمره، ومتخرج من أعرق الجامعات البريطانية، وتلقى تعليمه الإلزامي في مدارس خاصة!.

مشكلة إن كانت هذه العقلية ما زالت بيننا، رغم تلقيها العلوم وإلمامها بثقافة من المفترض، أقول من “المفترض” أن تكون قد صححت بعض الأفكار والمعتقدات، والتي منها إن قبول فتاة اليوم ورفضها لشريك الحياة ليس قائماً فقط على “جيب” عريس “الغفلة”،

بل إن عدداً من المقومات الأخرى هي من تحدد ذاك القبول أو الرفض، والتي هي أكثر أهمية من المال، خصوصاً مع خروج المرأة اليوم للعمل، وتحملها لجزء غير يسير من تكاليف الحياة المادية. إذ لم تعد “حواء” اليوم تقبل أن تركع لـ “سي سيد” لأنه ولي نعمتها ومن غيره قد لا تجد من يعولها، أو يكسيها أويطعمها.

لا اعتراض، الاستطاعة المادية لتحمل التزامات الزواج وما يتبعه من منزل وأبناء وخلافه أمر مهم، ولكنه ليس “الأهم”، وليس هو الشرط الوحيد الذي يدفع بالبنت للقبول بالزواج من شخص قد لا يتوافق معها في شيء سوى أنه سيتحول إلى صراف آلي يدفع لها ما تشاء وقت ما تشاء.

هناك اعتبارات أخرى تتسلق أوليات الفتاة كالتوافق الفكري، والمستوى التعليمي، والتوافق الأسري، والإجتماعي، والتوافق النفسي، التزام الشريك وأخلاقه، وتقبل شكله، وهندامه، وتصرفاته. فالزواج عشرة عمر لا عشرة يوم أو يومين، كما أن المرأة من طبيعتها حب التفاخر، فهي إن تزوجت تريد من تفتخر بمن اقترنت، لا أن تخجل أن تقول إنها حرم “فلان”.

فليس من المعقول مثلاً أن تقبل بشخص أمي – لا يفك الخط – كما نقول بالعامية وهي طبيبة، فقط لأنه مليونير، قد تحدث نعم، ولكن الأمر سيبقى استثناءً هذه الأيام، فالفتاة مستعدة أن تشق حياتها وتكافح مع من تجده ملائماً لها كشريك حياة، وفي المقابل غير مستعدة أن تواصل مشوار حياتها مع شخص لا يتوافق معها في شيء البتة سوى أنه يضمن لها مستوى اقتصاديا مرتفعا. قالها إخواننا المصريون وصدقوا “يا ماخذ القرد على ماله، يروح المال ويبقى القرد على حاله”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *