[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

أعجبتني مقالة لطاهر الزهراني عنوانها \”عند الكوارث… لنكن أكثر إنسانية\”. وأقتطف بعض عباراته: \”الكوارث عمياء لا تميز بين البشر\”، \”الكارثة التي حدثت لم تقدم لنا الدمار فقط بل قدمت لنا أيضاً فوائد عظيمة، منها أن نعيد النظر في كل من حولنا، حتى في الجمادات\”، \”إن الكوارث تأتي بالوعي العميق، فكثير ممن جرفهم السيل وأنقذهم شجر الطرقات والحدائق، أصبحوا الآن ينظرون إلى الشجرة بعطف وأن لها الفضل في حياتهم الثانية، لذا لابد أن نعيد النظر في تعاملنا مع حدائقنا وأشجارنا\”، \”(بشرى) التي جرفها السيل وألقى بها في أحد (البدرومات) لم تجد سوى خروفاً تتشبث به حتى جاء الدفاع المدني وأنقذها. إذن حتى الحيوان لابد أن نعيد النظر في تعاملنا معه\”، \”إذا كان لابد أن نعيد النظر في تعاملنا مع الجمادات والحيوانات، فكان لزاماً أن نؤمن أننا بشر لا ينبغي أن يفرق بيننا لون وجنس وعرق!\”
لكن لم تعجبني مقالات مَن جزموا بأن هذه الكارثة عقوبة إلهية لهؤلاء الضحايا. أليس هذا من التألي على الله؟
إن أي مصيبة إنما هي امتحان لكثيرين. فموت شخص فيه امتحان لصبر أهله، وامتحان لأخوته في قيامهم بحق الأيتام، وامتحان لجيرانه في تقديم الطعام لمن جاءهم ما يشغلهم… وإذا مات مقتولاً فهو امتحان للقاضي ليقيم الحد على القاتل المتعمد، أو يأخذ الدية من غير المتعمد… ونسأل الله أن يعيننا على النجاح في كل ابتلاء ومحنة، فنرضى بالقدر خيره وشره ونقول: إنا لله وإنا إليه راجعون.
قرأنا عن نجاح أخ باكستاني فأنقذ أربعة عشر نفساً ثم ذهب إلى ربه شهيداً، فالغريق شهيد بنص الحديث، \”ومن يقع عليه البيت فهو شهيد\”، فنسأل الله أن يتقبل جميع من قضوا شهداء عنده.
ولا أحد يستطيع أن يسابق ملك الإنسانية، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، في النجاح في هذه المحنة الصعبة، فقد أمر حفظه الله بتعويض كل المنكوبين، وصرف مبلغ مليون ريال لذوي كل غريق. كيف لا، والمملكة سباقة لمد يد العون لكل بلد أصابته كارثة. وفي الحديث: \”من لا يشكر الناس لا يشكر الله\”، فنسأل الله أن يجزيه خير الجزاء.
ولم تكن جامعة الملك عبد العزيز في منأى عن الكارثة، فأزاحت السيول سورها الشرقي وألقت بوحلها وما جرفته من ممتلكات وأرواح داخل الجامعة، وكبدتها خسائر فادحة طالت مستشفاها ومبانيها الإدارية والتعليمية والبحثية. ومن فضل الله أنها كانت يوم إجازة فلم يصب أحد من الطلاب أو الموظفين.
ولقد استنفرت الإدارة العليا للجامعة وعملت في الإجازة على مدار الساعة لحصر الأضرار وتحديد الخسائر ووضع الحلول.
ولاشك أن الجامعة ستحظى بالدعم المناسب من خادم الحرمين الشريفين لتواجه آثار الكارثة، ولتواصل العام الدراسي في سلاسة، لاسيما أن ما أصابها خفف الضرر عن جميع الأحياء التي تقع غربها، والتي كانت ستغمرها السيول لو أنها ما توقفت في الجامعة.
كلية الهندسة، جامعة الملك عبدالعزيز

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *