أ.د. محمود نديم نحاس

منذ أكثر من سنتين اقترحت أن يكون للجامعات قنوات فضائية تبث منها العلم للعالمين. وكان اقتراحي أن تكون القناة مزدوجة الهدف، فمن ناحية تبث العلم لكل الناس في أصقاع المعمورة دون مقابل، وفي الوقت نفسه تبث العلم عن بُعد للطلاب المسجلين فيها، والذين يمكن لهم تقديم الامتحانات عن طريق مراكز امتحان معتمدة موزعة في القارات الست. ولا أدري إن كان اقتراحي قد حصل على موافقة أم لا. لكني فوجئت مؤخراً بأن فكرتي وصلت عن طريق التلباثي (أو التخاطر) إلى الجامعة الإسلامية في غزة. فقد قرأت أن الجامعة أطلقت قناة فضائية جديدة أسمتها (الكتاب)، وستبث برامجها من ستوديو خاص يجري تجهيزه داخل الجامعة، وستبدأ بثها التجريبي بنقل احتفالات تخريج أفواج الطلبة للفصل الحالي ببث حي ومباشر.
إنها فكرة جيدة ولاشك أن يمتد دور الجامعة إلى خارج أسوارها، بل إلى خارج حدود البلد بحيث يبلغ الآفاق. لكن الإبداع هنا هو أن الفكرة وُلدت من رحم الظروف الصعبة التي تعيشها الجامعة والمعروفة للناس قاطبة.
ولا أدري إلى أي مدى ستتحقق فكرتي بأن تخدم القناة هدفين في آن واحد، فالخبر الذي قرأته عنها يقول بأن الفضائية الوليدة ستتيح للجامعة نشر برامجها وأنشطتها، وإبراز دورها في خدمة المجتمع، وتشجيع البحث العلمي، وتنمية القدرات والإبداعات، وتطمح أن تصبح مركز إشعاع عالمي لبث الثقافة والفكر المستنير في العالم. ويضيف الخبر بأن الجامعة تنظر بأفق أوسع للخروج بالعملية التعليمية والتربوية من حدودها الجغرافية المتعارف عليها في المؤسسات التعليمية المختلفة لتصل بها إلى كل بيت في العالم، فضلاً عن كونها قناة منوعة إلى جانب اهتمامها بالجانب الأكاديمي، حيث تهتم بالمساهمة في إيجاد حلول إبداعية للمشكلات التي يعاني منها المجتمع المحلي والعالمي على حد سواء.
ويتوقع للفضائية أن تبث أخبار الجامعة وبرامجها المختلفة، كالمؤتمرات العلمية، والأيام الدراسية، والندوات العامة، وورش العمل، ومناقشة رسائل الماجستير المتميزة، إلى جانب بث أخبار الجامعات الأخرى ونشر الوعي التربوي في مجالات الأسرة والطفل والمرأة وغيرها من القضايا.
لقد قامت الجامعة المفتوحة في بريطانيا منذ نشأتها سنة 1970م على مبدأ التعليم عن بُعد وذلك بالتواصل مع طلابها عبر الأثير، فكانت تبث برامجها عبر إذاعة هيئة الإذاعة البريطانية وقناة التلفزة الثانية التابعة لهذه الهيئة يوم لم يكن البث الفضائي موجوداً. وتضم اليوم حوالي مائة وخمسين ألف طالب في المرحلة الجامعية وثلاثين ألفاً في الدراسات العليا. ومعظم طلابها يدرسون بنظام الطالب غير المتفرغ. وفيها عشرة آلاف طالب من ذوي الاحتياجات الخاصة. وسبعون في المائة من طلاب المرحلة الجامعية يعملون مع دراستهم، ونصف هؤلاء تدعمهم جهات عملهم لإكمال دراستهم. وأكثر من خمسة وعشرين ألف طالب يعيشون خارج المملكة المتحدة. إنها تجربة فريدة جديرة بالدراسة.
كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *