ليلى عناني

يتملكنا الحزن الشديد على ما يفعله بك بعض أبنائك من الفئة الضالة الذين لا يردعهم ضمير ولا دين عن التخريب والتدمير بدعوى الاعتراض والتغيير. تعاطفي معك يا جزائر. فقد سرتُ يوماً ما في شوارعك الساحرة التي أرى عبر الشاشات بعضا من دمار قد لحق بها بأيدي من هم يجب أن يحافظوا عليها بل يتحتم عليهم المحافظة عليها ،لا نتخيل ما يحدث لمنشآتك ومحلاتك وشوارعك من دمار. ليس هكذا يكون الاعتراض أو التغيير. ليس هكذا يكون الإصلاح. ليس هكذا يكون البناء. فالبلاد ميراث الشعوب ولا يحق لأي من مواطنيها المساس بأمنها الذي يقضي على أجمل ما يمثلها وهي سمعتها بين الشعوب.
قلبي معك يا جزائر .. أيعقل أن يقوم عاقل بما يفعله هؤلاء؟ أهلك كرماء مجاهدون ومجاهدات يشهد العالم كله لهم بالصبر وحب الوطن، من أين أتت تلك الشرذمة الهائجة ومن ورائها فلا أتخيل أن يدمر بلاد الأحرار أبناؤها.
لقد مكثت في أراضيك فترة كانت كفيلة بأن أتعرف على شعبك الحبيب، رأيت الكرم الطائي والقلوب النظيفة، رأيت حب الناس وحُسن الخلق، تعرفت فيك يا جزائر على جاليات أجانب وزرتهم في بيوتهم رأيت حزنهم الشديد على انتهاء مدة إقامتهم بك .. تقابلت مع نساء لكل منهن دورها الإيجابي الذي به يُبنى المستقبل، ومجاهدات جزائريات ما حلمت يوماً برؤيتهن تفتخر بهن الجزائر، رأيت أسواقك وحدائقك وغاباتك يا جزائر الأحرار. رأيت في شموخك صمودك القوي أمام الاحتلال وتصميم أهلك على عدم التفريط بك واسترجاعك مهما كلف الأمر، فلا شيء يفوقك غلاءً لا الأموال ولا الأبناء ولا حتى الأرواح. كل شيء في سبيل تحريرك يهون وقد كان وعُدتِ لأبناء ضحوا في سبيلك بالغالي والنفيس فأنت الأغلى والأثمن و الأحب ويعرف أبناؤك قيمتك ويقدرونها، ذلك الجيل المجاهد والمدافع والأبي.
أتى الآن شباب اختلطت عليهم المفاهيم فنسوا كم قاسيتِ وعانيتِ وكم من دماءٍ سُفكت لتحريرك .كفي يا شباب الجزائر تدميراً توقفوا وتمهلوا وابنوا بدل أن تهدموا حب الوطن والانتماء لا يكون هكذا فالوطن غالٍ ولا وألف لا لتخريبه، وإن كان شظف العيش يجيز لكم ويبرر هذه الأفعال تذكروا أن الرزاق الوهاب هو الله والرزق يذهب لصاحبه كما يأتي ملك الموت وإن كنا في بروج مشيدة . ممن تنتقمون؟ من إخوانكم أبناء جلدتكم؟ أصدقاء، جيران، أحباب؟ حتى وإن كان الخلاف موجوداً والمبررات قوية ليس هكذا ,الصبر الجميل والمحافظة على الأوطان واجب كل مواطن، حماك الله يا جزائر الأحرار من هذا العنف الداخلي.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *