[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صلاح صبحية[/COLOR][/ALIGN]

تـُعرف الحياة بمتناقضاتها ، كما تـُعرف الحياة بتكاملها ، فإن كان الليل نقيض النهار فهما يكونان معاً اليوم بكامله ، وإن كانت فصول السنة تتناقض فيما بينها فهي تكمل بعضها ، وإن كان الذكر نقيض الأنثى من حيث البنية الجسدية إلا أنهما يكملان بعضهما لاستمرار البشرية على الأرض . فالتكامل هو تحقيق نتيجة ، فالليل الذي يكمل النهار ينتج يوماً يقع في حساب الزمن ، والتكامل بين الذكر والأنثى ينتج فرداً بشرياً يقع في حساب الزمن أيضاً ، كما أنّ الفصول تتكامل فيما بينها وفق منظومة التتالي لتنتج السنة التي تقع في حساب الزمن أيضاً .
وفي داخل الإنسان توجد المتناقضات التي تكمل بعضها البعض ، ففي بنية الجسم يتكون الدّم من كريات حمراء وبيضاء لكل منها دورها في بنية تركيب الدّم ، ولا يكون الدّم دماً إلا بوجودهما معاً ، كما أنّ النفس البشرية تتكون من الخير والشر ، ولا تكتمل النفس بأحدهما فقط ، لأنه لا يمكن أن تتصف النفس بأنها نفسٌ خيّرة دون أن تتغلب على نزعة الشر في داخلها ، كما لا يمكن أن تتصف النفس بأنها نفسٌ شريرة دون أن تنهزم نزعة الخير في داخلها ، كما أنّ النفس يمكن أن تـُظهر جانب الخير في وقت وتعود لتظهر جانب الشر في وقت آخر أو وقت تال ٍ ، وفي داخل النفس البشرية تكمن المتناقضات الكثيرة ، وفي مقدمتها التناقض بين المبادىء والمصالح ، وهذا يضع الإنسان في لحظة اختيار صعبة إذا كانت نفسه تتوق إلى الخير دائماً ، فالنفس الأمّارة بالسوء تجعل الإنسان قلقاً ، وهذا أعنف صراع يعاني الإنسان منه في داخله ، فإذا كان المبدأ الذي يؤمن به يقول بأنّ المصلحة العامة أهم من المصلحة الخاصة ، وأصبح في موقف يتطلب منه أن يجسّد هذا المبدأ في حياته اليومية ، فإذا به يتوقف ، يتمهل ، ينتظر ، ويصبح السؤال في داخله ، لماذا أضحي بمصلحتي الخاصة من أجل الآخرين ، لماذا أخسر أنا ويربح الآخرون ، والموقف يحتـّم عليه التضحية دون غيره ، لكنّ نفسه الأمّارة بالسوء تقول له مصلحتك أهم من مصلحة الجميع ، فإذا كانت قناعته راسخة بمبادئه فأنه سيجد نفسه يقدّم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، إمّا إذا كان إيمانه بمبادئه متزعزعاً ، فأنه سيجعل مصلحته الخاصة أهم من المصلحة العامة .والمشكلة الأخطر هي التناقض بين الإيمان بالمبادىء وبين الشخص المؤتمن على تطبيق المبادئ والله سبحانه وتعالى يقول ( قفوهم إنهم مسؤولون ) .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *