قد يهون العمر إلا ساعة .. وتهون الأرض إلا موضعاً .. ذكريات الناس في أحياء مكة .. أزالها «الدركتور»

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]خالد الحسيني[/COLOR][/ALIGN]

يردد أصحاب المنازل والأحياء في مكة المكرمة والذين ازيلت منازلهم في التوسعة الاخيرة والتي شملت الكثير من الاحياء حتى البعيدة عن المنطقة المركزية والمسجد الحرام .. يرددون ما قاله \”شوقي\” في قصيدته \”جبل التوباد\” خاصة عجز البيت \”وتهون الأرض الا موضعاً\” لأن لهؤلاء الكثير من الأيام والليالي والأوقات الجميلة.. بل إنهم يرددون مع \” نزار قباني\” ما قاله في قصيدته \” رسالة من تحت الماء\” \”لو أني أعرف خاتمتي ما كنت بدأت\” .. حتى إن هؤلاء لم يستطيعوا أن يشاهدوا \”موطن الذكريات\” وهو يزال بـ \”الدركتور\” ليتساوى بعد ساعات قليلة مع الأرض التي أقيم عليها ..
مفردات وأسماء جميلة
يردد هؤلاء هنا كان \”البازان\” وهناك فرن عم سليمان وخلفه كانت \”دكة\” العم أحمد والتي قضينا فيها \”عصريات\” و\”ضواحي\” بل و\”ليالي\” جميلة في رمضان وايام العيد والحج .. ويلي كل ذلك برحة \”مخلص\” وبرحة \” الرشيدي\” وعلى كل الجوانب واين ما تتجه تجد جزءاً \”منا\” بل إننا اصبحنا نعرف تاريخ المكان والزمان والاسماء التي مرت من هناك في يوم من الايام.
قفص الحمام
يُنادي محمود اشقاءه للمساعدة في حمل \”قفص الحمام\” الذي كان في \”الخارجة\” وعلى مدى سنوات .. هذا الصنعاني وهذا الطائفي وهذا جوز حمام \” رب البيت\” وهذه \”الجلسة\” اسفل المنزل جرفها عمال الازالة واستطعت ان اخرج فقط بجزء من \”الباب القديم\” الخشبي الذي عرُفت الدنيا وكبرت وأنا أعرف موقعه بل ومساميره وظرافينه وألوانه التي تأثرت بالأيام .
الحي الجديد
لكن إلى اين الاتجاه الجديد ولايمكن أن نجد \”البديل\” الذي يعيد لنا ما ذهب ولو كان الأمر لنا لبقينا في الحي العتيق وأن أصبح في حوزتنا \”ريالات .. بل آلاف.. بل ملايين\” لكنها لن تستطيع أن تعيد ساعة واحدة من يوم واحد من أيام العيد والتي كانت في الحي القديم ذات حلاوة تزيد على حلاوة العيد \”اللوزية\” و\”الحلقوم\” وذات رائحة تفوق رائحة \”كلونيات\” العيد بأسرها.
أين الناس.؟
ثم أين الناس هل نبدأ من جديد للتعرف على جيران \”جُدد\”؟! وكم بقي من العمر وهل نستطيع أن نطالب جيراننا بالانتقال معنا للحي \”الجديد\”؟ إن هذا من المستحيلات فقد اذن \” الرحيل\” وعدنا كما بدأنا .. اين الفرن والبازان والدكة والدكان وأين كل علامات الماضي الجميلة؟!
بيع الذكريات
هل بعنا ذكرياتنا .. أم فرطنا .. أم هي الحقيقة والواقع الذي لابد منه وأحد سُنن الحياة التي لابد منها أيضاً؟
بأي ثمن نبيع الايام الجميلة وعشرات السنين التي حملت الكثير من الوقفات؟ اسئلة كثيرة لاتجد أجابة ولاتُسمع من أحد خاصة مع ضجيج الآت الهدم والازالة والجرافات التي لم تبقِ الا التراب وقطع الحجار وغداً يوم آخر في الأرض الجميلة الخضراء التي لن تموت في نفوس أصحابها.
توليحة الوداع
بقي شيء واحد هو الاستمتاع بذكرى أيام المكان والزمان وتلويحة وداع للحي الجميل والبيت الأجمل والناس الأكثر روعة .. لكن أين كل ذلك؟

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *