قداسة الإجرام وغرائز الإنتقام

• حاتم طالب المشهدي

قرأت لأحد الكتاب يطالب بتنقيح الموروث الديني لكي لا يستمد منه التكفيريون فتواهم بالحرق والذبح وتدمير الآثار وتغليب الفتاوى الفقهية الشاذة علي الأطروحات الفكرية المعاصرة التي استخدمها الغرب في كتابة دساتيرهم ونهضتهم الفكرية.
سيدي الكاتب… ما أن تفرغ من كتابة مقالك وطرح سؤالك… حتى أن تجد دماءك متنازع عليها بين قبائل التكفير تقرباً إلى الله بثنايا عنقك! فقد انكرت (عندهم) ما هو معلوم من الدين بالضرورة! وقد يقول أمثلهم طريقة (لست بكافر! وإنما كلام كفر(عيان بيان) واجب الإستتابة حتي ترجع عن هرطقتك يا بن علمان بن ليبرال الناصبي! وهذا الحكم ( ليس من عندنا) انما هو شرع الله! وسيأتوك بمائة دليل من الموروث على كفرك وزندقتك وخروجك من الملة.
فسؤالك عن إمكانية تنقيح الموروث سيُقابل بهجوم غوغائي يكشف عجزهم عن (المواجهة الفكرية) نتيجة غياب (المقدرة علي إدارة حوار) ناهيك عن إدارة دولة كما يطمحون! فالعصبية في الحوار وسرعة التكفير تخفي وراءها (ضعف الحجة وضآلة الفكر) المهووس بتجريم المجتمعات كما فعل رجال الدين الكاثوليك قبل أن يشعلوا بلادهم بالحروب الطائفية لقرون عديدة نتيجة الشبق بالتكفير والقوامة علي المجتمعات والتغول على دور الحكومات.
وأعلم أن وصفهم في آية (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا) هي نقطة إرتكاز عقيدتهم الظلامية! فحبال التبعية وغلق باب الاجتهاد… يطغي على اغلب مَن يدعون انفسهم بالمعتدلين!
ولعلك تذكر كيف اجمعوا علي تحريم تعليم النساء ضد تنوير الملك عبدالعزيز! ثم تكسير الدشات وتحريم القروض البنكية وتأمينات السيارات ضد حداثة الملك فهد! ثم أعادوا الّكرة مع برنامج الإبتعاث ونعته بالتغريب! وملاحقة الطلاب في الغرب وتصيد أخطائهم ونشرها وتأليب الرأي العام ضد سياسة الملك عبدالله الثقافية! وحالياً مشغولون بتزكية لهيب الطائفية وشغلنا بالمذهبية.
نوابغ في الحرق والتفجير! وتشويه المعتقدات واللعب بالرشاشات التي تذهب مكاسبها للشركات الغربية السعيدة بالحروب التكفيرية التي يقودها مبلسون في كل واد يهيمون! في كل حرب وفتنة سباقون! وعلى كل رقعة شطرنج مقذوفون! منتهى سعادتهم تفريق العباد وإحراق البلاد! والانتقام من المجتمعات التي لفظتهم بعد أن فشلوا في الاندماج معها نتيجة إنطوائية وعزلة فكرية مردوا عليها جعلتهم في عداد المنبوذين المشبعين بغرائز الانتقام.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *