قبل أن نحارب إدمان الإنترنت

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]إلهام إسماعيل علي [/COLOR][/ALIGN]

لاحظت خلال تصفحي إحدى الجرائد قيام حملات لمكافحة الإدمان على الإنترنت، وتعجبت لشراستها وبعدها عن الواقعية، فالمفترض قبل القيام بأي حملة، أن تتم دراستها من جميع النواحي والنظر في السبب حتى يبطل العجب، وحتى نقتنع نحن معشر البشر بضرورة اتخاذ خطوات للحد من هذا الأمر.
يا تُرى لماذا لجأ الإنسان إلى العالم الافتراضي؟!، في البداية كان الغرض من الإنترنت تقريب البعيد سواء كان تواصل المؤسسات ونقل الأخبار والتراسل بين الهيئات، ومع مرور الوقت، طال الاختراع هذا حياةَ بني البشر حتى أصبح وسيلة تواصل اجتماعية بين كل الأجناس، فبضغطة زر تعرف أخبار شخص يبعد عنك مئات الأميال، ولكن ما الذي جعل البعض يفرط في خوض هذا العالم المجهول!!، السبب يا أعزائي هو واقع الفرد نفسه، هناك من يملك واقعًا كئيبًا مليئًا بالملل والكلل فلجأ إلى هذا العالم المجهول لينفض ما في داخله من هموم واحتياج، وهناك من فشل في تكوين علاقات مع الأفراد في واقعه أو عانى من رفض المجتمع حوله له فلجأ إلى هذا العالم ليبحث عن من يستمع له ويتقبله، وهناك من طالته فاقة الفقر أو البطالة وضيق ذات اليد فلجأ إلى النصب والاحتيال لإكفاء حاجته، وأنا لا أبرر له ذلك، ولكن لابد من التحدث بواقعية وإلا قد سئمنا من الحديث بهكذا موضوع أصلاً.
إذا أراد الداعون إلى حملات مكافحة الإدمان على الإنترنت مساعدة المدمنين فعلاً، فليس الحل أن نهاجمهم حتى يكفوا عنه، فلنكن واقعيين، الإنترنت أصبح ضرورة ملحة من ضرورات حياتنا مثله مثل الطعام والملبس، ولا يحق لنا إلا مساعدتهم في التخفيف منه، فلا إفراط ولا تفريط، بل يجب مساعدتهم في إصلاح واقعهم والعودة إليه سلميًا، وذلك من خلال معالجة السبب في كل حالة، سواء كان السبب يتعلق بشؤون حياتهم الأسرية، فهناك من يعاني من إهمال الوالدين له وإساءة معاملة متعمدة وحرمان من العاطفة الأبوية، وهناك من يعاني من الانطوائية الاجتماعية والفراغ العاطفي الذي يتشارك المجتمع والأسرة في تسببه، وهناك من ضاقت بهم الدنيا المادية فلجأ إلى الحيل والمراوغة، والأعظم من ذلك هناك من استغل كل الأسباب السابقة التي غفلت الحملات عنها ولعب دور المعالج ليحقق أهدافًا قذرة.
أدعوكم أصحاب هذه الحملات إلى إجراء دراسة مجتمعية لرصد الحالات، وتفحصها بعمق وعلاجها، حتى تصل لقناعة وتعود لواقعها بسلام، وحبذا بعد ذلك لو أقمتم حملاتكم أن تعرضوا الحالات التي ساعدتم في علاجها كنماذج أنجزتموها وساهمتم في صلاحها، والدال على الخير كفاعله.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *