[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد يوسف حسنة[/COLOR][/ALIGN]

في وداع 2012، علّمتني أن الحق وقعه على نفوس البعض شديد، وأن المستمسك به كالقابض على الجمر، سيعاديه البعض ويكيد له الآخر ويجتهد في إيذائه البشر، إلاّ أن الله دافعٌ كيد الكائدين ومثبت المؤمنين وناصر الموحدين ما داموا على جادة الصواب، وأن متتبعي العورات منتظري العثرات -وإن تكاثروا- لن يحققوا مبتغاهم فإن الله يدافع عن عباده الذين آمنوا ويرسل من يصوب الأمر ويكشف الحقيقة لتسقط أقنعة وتسوّد وجوه.
وعلمتني أنه من السهل أن يرفع الإنسان الشعارات وينادي بمبادئ الثورات ويطالب بالشفافية وإسقاط عن الباطل الحصانات فإن ما تعارضت الشعارات مع المصلحة الشخصية ديست ولم يعد للمبدأ وجود وعانت الشعارات من العقوق والجحود.
وعلمتني أن البشر ليسوا ملائكة إلا أن الله بهم رحيم غفور يستر العيوب ويهديهم ما يبدل سيئاتهم بحسنات، فتركت التعلق بالأفراد وركنت إلى التعلق بالمبادئ والقيم والأفكار التي يرفعها الأشخاص، فإن ما أصاب أحدهم وهن كنت قد وطنت نفسي على ذلك وما وهنت الفكرة ولا لانت عزيمتي تُجاهها.
وعلمتني أن الناجين الصاعدين إلى مرام العلا محارَبون منظور بما في يدهم محسودون بما أنعم الله عليهم، فقد جُبل البعض على النظر بما في يد الناجحين بدل أن يُركز في صناعة انجازه الخاص وتحقيق أهدافه التي يأمل.
وعلمتني أن التغيير يبدأ من الانسان نفسه قبل محيطه ومؤسسته ومجتمعه فإن ما أتقن تغيير نفسه غيّر ما حوله والذي سينعكس تغييراً أكيداً على المجتمع والعالم.
وعلمتني أننا شعوب عاطفية تُحركنا الدماء المراقة وسخونة الأوضاع فإن ما هدأت جبهة القتال نامت معها مشاعرنا وقل فعلنا وكأن المأساة طويت والمسألة سويت رغم أن الجراح الغائرة تبقى مفتوحة والحاجة مستمرة لا تُعالجها عاطفة اللحظة.
وعلمتني أن الإنسانية تحتاج لتكاتف البشر وأن التسامح والتعايش هم الرسالة التي يجب أن نحمل، فالعالم يحتاج لغة الحب أكثر من لغة الحرب والدمار والخراب، العالم رغم اتساعه إلا أنه ضاق ذرعاً بالقتل الجماعي المرتكب بحق الأقليات ولم يعد بوسعه تحمل احتلال بلدان وتدمير حضارات، لم يعد يرغب برؤية شباب في ربيع عمرهم وفتيات كالزهور تُقتل بسبب العرق أو الجنس، يشتاق لأن يتخلص العالم من الطواغيت وجيوشها وأتباعها ليعم السلام والحب.
وعلمتني أيضاً أن السفر قطعة عذاب بما فيه بعد عن الأهل والأصحاب ولكنه وسيلة لكسب المعارف وتبادل الثقافات والتعرف على الحضارات منه تستطيع استلهام تجارب الآخرين وتطلع على كنوز العلم والمعرفة، وأن في هذا الكون ما يستحق الحياة والمشاهدة.
وعلمتني أننا بحاجة لنتمرد، لنتمرد على ذواتنا وأنفسنا بما فيها من سلبية وضعف، أعلم أن كلمة التمرد تثير تصوراً سلبياً لدى السامع عند إطلاقها، فهي تعني عند المتلقي العصيان والرفض السلبي دائماً، إلا أنني أتحدث عن حالة تمرد إيجابية تُساهم في بناء النفس أولاً والأسرة ثانية والمجتمع ثالثاً والدولة أخيراً وتعمل على تطويرها والرقي بها بما يؤهلها للدفاع عن مصالحها وعودة حقوقها، لا أتحدث عن تمرد مجرد أو عن عصيان ورفض لما ألفه الناس.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *