في كلمات .. عندما التقى طارق بالعيسى

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

كنا يومها نتناول غداءنا في منزل الاستاذ علي الشاطر في صنعاء، وكان غداءً سخياً سخاء اليمنيين، كان ذلك قبل ثماني سنوات أو تزيد قليلاً، وكان يشاركنا أو نشاركه المكان الموسيقار الكبير طارق عبدالحكيم (رحمه الله)، وبجانبه الفنان حسن عبدالله (اسكندراني) عندما دخل علينا الشاعر السوري الكبير سليمان العيسى الذي كان مقيماً في اليمن برفقة زوجته الدكتورة في جامعة صنعاء، كان الشاعر الكبير يتوكأ على عصاه، وقد تحول شعر رأسه إلى كتلة بياض من الشيب. فقال له طارق رحمه الله: \”ايه يا استاذ أراك عجزت سريعاً شعر أبيض وعكاز\” فرد عليه العيسى قائلاً: خلاص يا طارق لقد بلغت الثمانين فأحوجتني إلى عكاز. كما قال الشاعر القديم في هذا المعنى فرد طارق سريعاً وهو يضرب على صدره قائلاً: شوفني قد بلغت الثانية والتسعين وكما تراني شباباً على طول ولله الحمد.
تذكرت هذا وقد بُلغت نبأ وفاة طارق عبدالحكيم من الصديق الشاعر سعود سالم الذي قال لي لقد تم دفنه في القاهرة بعد أن أوصى أن يدفن حيث يأتيه الأجل المحتوم فاسترجعت قائلاً: \”إنا لله وإنا اليه راجعون\” ثم تذكرت تغنيه ببلاده هذه المثناء.. وذاك السداد، وهذا الردف، وذاك غدير البنات، وتلك الرابية، وذلك \”الريم\” في وادي ثقيف تلك الأماكن التي عاشت في وجدانه وعاش هو في مسامها ويدفن بعيداً عنها.رحم الله الموسيقار ذا النفس الطيبة والحبيبة.
•• للمعلومية لحن سارعي للمجد للموسيقار سراج عمر .. للعلم فقط.

الناس أنواع
•• الناس أنواع وأشكال ومقاسات أيضاً، وأنت لا تستطيع أن تحيط بكل هذه النوعيات وتلك الأشكال والمقاسات في كل الأحوال، فهناك من تستطيع أن تعرفه من أول لقاء بك به وتشعر بأنك تعرفه منذ أن تفتحت عيناك على الدنيا، وذلك لما يملكه من روح شفافة وبساطة في الرؤية، وود يتدفق منه كالسلسبيل، وهذا النوع من الناس رغم أنه نادر إلا أنه موجود.
وهناك من تعيش معه العمر كله وتعتقد بأنك تعرف تفاصيل نفسيته كمعرفتك لخطوط كفك لذلك الاختلاط به حتى العظم لكنك تصاب بالفجيعة مرتين عندما تضعه الظروف على المحك، فمرة عندما تجد خلف ذلك القرب منه بك شخصاً باهتاً وخدعت فيه، ومرة أخرى عندما ترى صورة \”الحرباء\” في تصرفه، وأنك عشت الخديعة الكبرى.
وهناك إنسان عنده استعداد على أن ينصب لك حبائل العداء دون سبب واضح فقط لأن تكوينه النفسي تربى على هكذا سلوك فهو يتآكل من الداخل والخارج إذا ما رأى الآخر يحقق نجاحاً – ما – وهذا النوع من الناس قد لا تخطئه العين إذا ما لمحته في طريقك تدل عليه تصرفاته فهو قليل البشاشة فاقداً للابتسام مكفهر الوجه مشدود عروق اليدين، فهذا لا تملك له إلا الدعاء بمزيد من هذه الحالة التي يعيشها.
على أن هناك إنسانا كثير المزاح شديد الحرص على المباسطة، وهذا يدل على نفسية مرتاحة لا تعرف للحقد طريقاً، ولا للايذاء بالآخرين سبيلاً، وهذا النوع أبيض القلب صافي الضمير قادر على أن يمتلك الآخر بشكل عنيف.
هذه الأنواع تعيش في محيطك، وعليك أن تختار منهم ما ترتاح إليه لتعيش في سعادة وفي أمان.

معرقة الرجال
للحوار أصول وللمحاورة قدرة لابد أن يظهرها من خلال حضوره الذكي لا من خلال صراخه وتشويحه بيده في وجه ضيفه.. مستعرضاً معلوماته التي كثيراً ما تخونه.
كلنا نذكر تلك – المحاورة – الفذة الأستاذة ليلى رستم، والتي يطلق عليها \”معرِّقة الرجال\” لتمكنها من الموضوع الذي تحاور حوله، وليس \”تجادل\” عندما التقت بالأستاذ الكبير سعيد فريحة، وكان الحوار ينقل عبر الشاشة الأبيض والأسود في أواخر الثمانينات الهجرية في برنامجها من التلفزيون اللبناني \”أهل القمة\”، وكان سعيد فريحة أحد المنادين بأهمية اللغة العامية وبانها أصل وليست فرع.
استمر الحوار مدة البرنامج لساعة ونصف، وبعد أن أوشك على الانتهاء نظرت السيدة ليلى رستم الى ساعتها وهي تقول في ابتسامة خفيفة يا أستاذ سعيد لنا الآن نتحاور ساعة ونصف حول العامية، ولكن خلال كل هذا الزمن لم تنطق بكلمة واحدة عامية.
تصبحون على خير.

بين الحلم والوهم
وصف أحد الكتاب العرب الكبار الفرق بين الأحلام والأوهام فقال:
الأحلام تختلف عن الأوهام، فالأحلام لها قوة حضور في حين أن الأوهام هي حالة غياب أو غيبوبة، وقوة حضور الأحلام انها تظل دائماً مؤشراً إلى الطريق السليم، ومحاولة لتصحيح الفكر. فهي تظهر الفارق بين المثال والواقع فهي تقوم بما يشبه دور الضمير في حركة التاريخ وحركة الإنسان.
هذا القول يعني أن على الإنسان أن يفرق بين أحلامه وبين أوهامه، فمن حقه أن يحلم وأن يجد في تحقيق أحلامه المشروعة، والويل إذا خلط بين الحلم وبين الوهم. فالحلم طريق النجاح والوهم طريق الفشل.

آخر الكلام
يقول حاتم الطائي:
أيا ابنة عبد الله يا أم مالك
ويا ابنة ذي البردين والأسد الوردي

إذا ما صنعت الزاد فلتمسي لنا
أكيلا فإني لست آكله وحدي

وحسبك داءً أن تبيت ببطنة
وحولك أكباد تحن إلى القدري