[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]السعد المنهالي[/COLOR][/ALIGN]

غضب البعض من تغريدة كتبتها عبر تويتر، أخبرت فيها عن دعوة أُطلقت في باكستان ضد الاحتفالات التي انتشرت فيها بـ«يوم الحب» وذلك بدعوة أخرى مقابلة إلى الاحتشام؛ وتساءلت أليس من الأجدى أن تكون الدعوة المبتكرة هي الاحتفال «بالحب المحتشم»؟ طبعا كانت الردود ما بين سخرية واستهزاء والهجوم على كوني أدعو بالاحتفال بهذه المناسبة ومقرة لبدعة. كان الرفض غريباً، وخصوصا أن دعوتي ليوم للحب الراقي المحتشم، تضمنت إبراز صفات التراحم والود بين الناس، وذكر الكثير من محاسن صفات نبينا الكريم في تودده لزوجاته ولطفه مع بناته وحتى أصدقائه، وكذلك صفات الصحابة والقادة الذين نفتخر بهم في تاريخنا الإسلامي والمعاصر وفي علاقاتهم الإنسانية المحبة لأهلهم وصحبهم. تساءلت طويلاً، هل لدى هؤلاء الرافضين مشكلة مع الحب نفسه، أم أن مشكلتهم مع الدعوة إلى الاحتفال في العموم؟ أم أن لديهم مشاكل حقيقية مع أنفسهم؟! بالتأكيد لم أصل إلى نتيجة.. ومازال البحث جارياً.
•••
من مذكرتي القديمة أخبركم أني في صومعة القلب التقيته، بادلته الحديث بهدوء على غير عادتي، تبدو الأمور خارج سيطرتي تماماً على الرغم من إيقاعنا الدقيق في تناوب الجمل، فحضرة وجوده لها رهبة مهيبة؛ كنا متقابلين، تفصلنا سنوات طويلة عاشت فيها حضارات حكمها ملوك ينافقهم الكهنة طوال الوقت، وملكات شعورهن طويلة ولهن جوارٍ جميلات كُثر لا يمللن من تمشيطهن؛ كنا متقابلين فتناظرنا طويلاً حتى أعلن الصمت ضجره فغادرنا مع السفن الراحلة بعيداً خلف الأفق حتى من دون أن يلتفت لتلويحنا.أخبرني أنه يريد الذهاب لأن هناك مناسبة يجب أن يحضرها، فأجبته أن في كل اللحظات والساعات والأيام هناك مناسبة مهمة له، وأن من يجعلون له يوماً خاصاً وساعة بعينها إنما يريدون حصره وخنق حضوره؛ أخبرني أن هدايا كثيرة عليه تزيينها، أجبته أن حضوره فقط يزين الدنيا، فعن أي هدايا يتحدث!؛ قال إن عليه تحضير الكثير من كلمات الحب والغزل ليكتبها العشاق على بطاقات ملونة، فأجبته أن العشاق الحقيقيين لهم نبضات تملأ كتب الدنيا دفئاً؛ حاول أن يقنعني بأن أصباغه الحمراء ستفسد لو لم يدهن بها القلوب الكثيرة، فأجبته.. القلوب النابضة لا تحتاج ألواناً صناعية قابلة للعطب.
سألني وماذا تريدين من حضوري؟ فأجبته، أريدك أن تخبرهم بأنك أكثر من كل هذه الأشياء التي تريد أن تذهب لأجلها، أريدك أن تملأ بوجودك المكان فلا يبقى مكان للأنانية والحقد والتملك؛ أريدك أن تريهم أنك خليط رباني من التقدير والإعجاب والثقة والعطاء والود والاحترام والوفاء. أريدك أن تفهمهم أن الحب يبدأ عندما يحب الإنسان نفسه فيرفع من شأنها ويرفع من حوله معها، بتقديرهم واحترامهم والاعتراف بالجمال فيهم؛ أريدك لكل الساعات والأيام والسنوات، لكل العقول قبل القلوب، وقتها ستتلون الأشياء وحدها من دون الأصباغ الحمراء، وستملأ الكلمات الدافئة العالم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *