فى مطار المدينة .. العربة بريالين
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. يحيى بن حمزة الوزنة[/COLOR][/ALIGN]
لم أكن أتوقع ونحن ننمي سياحتنا الداخلية ونسعى بكل مانملك من مقومات جذب هائلة لاستقطاب الوفود الزائرة لربوع البلاد أن تغيب عنا لقطات تحفظها الذاكرة فى خزانتها لسنوات وترفض ربما نسيانها . هذه المقدمة أكتبها قبل أن أسرد حكاية هى الأغرب وأصف مشهدا أثار دهشة الكثيرين . ففى مطار المدينة المنورة الذى يكتظ بالآلاف من الزوار يوميا وتتوافد اليه أعداد هائلة من المسافرين وضع المعنيون رسوماً \” ريالين \” لإيجار عربات نقل العفش الحديدية والتى يضع المسافر عليها أمتعته لدقائق متنقلا من البوابة الخارجية الى الصالات الداخلية أو العكس وعلى الرغم من قيمة الرسم الضئيل والذى قد لا يبالي المسافر بدفعه إلاَّ أن الأمر فى منظورنا يقفز فوق حدود الريالين الى ماهو أبعد من ذلك بكثير ويدعونا للسؤال \” لماذا\” نتفرد بهذا الشكل دون كافة مطارات العالم حتى الدول النامية.
المشهد لم يستفزني وحدي بل أثار دهشة وفد تعليمي جاء لزيارة جامعة طيبة لأيام وبدأ الأساتذة يتساءلون عن جدوى إيجار العربات وعن الفكرة وتفرد مطار المدينة المنورة بها دون سائر المطارات الأخرى حتى المحلية الأمر الذى يؤكد انها فكرة مدينية لم يتم تعميمها وأضافوا هل من المقبول ان يصطف المسافرون من أجل عربة حديدية تحمل حقائبهم الى البوابات وهل يملك المسافر وقتاً للوقوف في طابور من هذا النوع من أجل دفع ريالين واستلام إيصال ومن بعد الذهاب لجر العربة من مكانها .ومع قناعتي بأن الاستثمار السياحى صناعة لها مختصون يعلمون مالا أعلم أنا الأكاديمي البسيط إلاَّ أن هناك ابجديات لهذه الصناعة لا يختلف عليها اثنان لعل أبرزها أن المطار هو الواجهة الأولى وأول يد تمتد للترحاب بالزائر وان أي حدث لافت وغير مألوف يترك فى ذاكرة المسافر انطباعا لا ينسى ونحسب أن إيجار العربات الحديدية التي تتركها الدول النامية متراصة بالمجان لخدمة المسافرين حدث كسر حد الدهشة وبات مثيراً للتساؤل.
مازال يحدونى الأمل فى ان يكون إيجار عربات الحديد بمطار المدينة فكرة تجريبية يمكن اعادة النظر فى جدواها والا تأخذ يوما حيز التطبيق الدائم . فالمردود المادي من ورائها لا يساوي قيمة الدهشة ولا سعر الاستغراب.
اننا نثمن جهود القائمين على مطار المدينة المنورة ممن يسعون لإظهار هذه الواجهة فى أجمل صورة ونشد على أيادي الناجحين من نقلوا هذه البوابة نقلة نوعية مشهودة.. وما الكلمات التى يحملها المقال اليوم إلا وجه من وجوه العتاب الجميل يكتبها أكاديمى محب لطيبة الطيبة عاشق لإنسانها.
أخيرا ليتنا نعيد العربات الحديدية الى مجانيتها القديمة وان تعود مرة أخرى لحمل الحقائب والأمتعة بلا ريالين .. ليتنا نفكر فى وجوه استثمار أخرى أكثر نفعا واقناعا.. ليتنا نعيد النظر فى هذه الفكرة حتى لا يندهش المسافر .فللاندهاش كما ذكرت سعرا يزيد كثيرا عن الريالين.
التصنيف: