في الآونة الاخيرة احتل التدريب مساحة كبيرة، و نال قسطا كبيرا من الاستثمار؛ سواء من طرف منظمات الأعمال أو على المستوى الفردي ، و ما كان هذا إلا ادراكا للدور الكبير الذي يلعبه التدريب ليس فقط في اكتساب مهارات و قدرات جديدة بل أيضا لإعادة اكتشاف الذات البشرية و تحقيق أكمل اوجه الاستثمار فيها عن ، طريق إعادة ترتيب الأولويات و تحديد الأهداف و استراتيجيات التعامل مع التحديات و التكيف مع الصعوبات فكثرت مراكز التدريب و سطرت العديد من الدورات و برمجت الأمسيات و سبل تأهيل المدربين و القائمين عليها لأجل تحقيق أقصى فائدة ممكنة و الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الأفراد الذين كثر إقبالهم عليها توخيا و تتبعا لكل جديد في عالم التنمية البشرية، لكن سرعان ما تحول الأمر ليس برمته من باب التخصيص لا إلى نشاط تجاري يهدف إلى الربح المادي المحض فأصبح أشخاص بعيدون كل البعد عن التدريب بل –التعميم حتى غير مؤهلين و لا مصرحين يجمعون الأفراد و يصنعون عناوين براقة لدورات تدريبية هم أبعد ما يكونون عن الخوض في محتواها ، و راح ضحية هذا الابتزاز غير المباشر . كثيرون دفعوا مبالغ كبيرة بعدما أوهموا بأن من شأن الدورة الواحدة تعليمهم تقنيات يبدوا مفعولها كالسحر تقلب حياتهم و تحولهم إلى شخصيات مثالية لطالما رسموها و حلموا بالوصول إليها ، و ما زاد الطين بلة، أن المتدربين أحيانا أقنعوا أنه بإمكانهم التحول من متلقنين إلى ملقنين في ظرف قياسي و بعد حضور عدد معدود من الساعات التي في أغلب الأحيان كانت في شكل ورشات مغلقة تشبه تماما جرعة الادرينالين التي تقدمها مشروبات الطاقة لتوهم جسم متناولها بما تقدمه من إحساس بنشاط مفرط أنه قادر على خوض غمار أي جديد، و إلا فكيف هو حري بفرد ليس مؤهلا و لا متخصصا و لا باحثا و لا مطلعا أن يتحول بمجرد شهادة صرفت فيها ساعات إلى مدرب ذي كفاءة، يدخل مضمار التدريب ، و لم يتوقف الامر عند هذا الحد بل أصبحت أسعار الدورات التدريبية حتى تلك المقدمة من المتخصصين تزاحم بعضها بعضا بعناوين لافتة و لاعبة على العقل الواعي متسابقة فيما بينها في استدراج العديد من الذين صدقوا أن الحل في التدريب ، أي نعم الحل في التدريب و لطالما كان و لازال الاستثمار في العنصر البشري أسمى سبل بناء الحضارات و أسرعها ، لكن تدريب بمحتوى مدروس بعد تحديد الحاجات من طرف أكفاء مختصين باحثين مطورين و بمحتوى يتماشى مع المنطق و العقل البشري ، و تقنياته مدروسة و نتائجه ملموسة. عند ذلك فقط نستطيع القول: إن الاستثمار في التدريب حق وواجب و إلزام لكل فرد أو منظمة اعمال مهما كانت طبيعة نشاطها و أهدافها ،كذلك لابد أن تكون هناك رقابة من الجهات المختصة على الأسعار المعروضة للدورات و الورشات و الأـمسيات حتى لا تستغل من طرف أصحاب النفوس الضعيفة؛ سواء من المدربين الفعليين أو الوهميين لأن ذلك من شأنه أن يحول نشاطا ساميا كالتدريب إلى تجارة أهدافها لا تتعدى تجميع الأموال في أيدي القلة و تفريغ لجيوب العامة ، و لابد أن تكون هناك معايير لضبط العشوائية في التدريب.

و الالتحاق ببرامج و اعتمادات سارية على معايير دولية ، ليحصل كل مدرب على خلفية تؤهله للوقوف على أرضية صلبة ، و جدير بالذكر أن انتشار التدريب ليس سلبيا، ولا إيجابيا بشكل مطلق و الرقابة الجيدة وحدها التي من شأنها أن ترفع مستوى الإيجابية في التدريب فتعم الفائدة للجميع.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *