[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]رؤى صبري [/COLOR][/ALIGN]

فن اللاشيء مهنة يجيدها أغلب البشر هذا إذا لم يكن كلهم وهو ليس بجديد فهذا ما يسمى بالإبداع وما تصفق له الأيدي بحماس وغالبا ما تكون نتائجه مبهرة ومفيدة لصاحبه وللبشرية والأغرب أن منتجاته مصنوعة من لا شيء.. فقط مجرد فكرة لا أكثر.ذات مرة كنت أشاهد أحد البرامج الأجنبية وكان الضيف يتحدث عن إمكانية ممارسة التمارين الرياضية في كل وقت وفي أي مكان ومهما وصفت لا أستطيع أن أنقل كل الإعجاب الذي حصل عليه من قبل الجمهور مع أنه في الواقع باع لهم أفكاراً قد لا تكون ناجحة لكنه فن اللاشيء.وذات يوم أخبرتني صديقتي عن دمية صغيرة من التي تعلق للزينة كانت تصنعها لتقتل وقتها لا أكثر ثم رأتها إحدى قريباتها وعرضت عليها أن تشتريها وبعد ذلك انهالت عليها الطلبات لتصنع المزيد منها وأصبح لديها زبونات يقتنينها بصفة مستمرة بالرغم من أنها صنعت من لا شيء وكان غرضها اللاشيء.
من ذلك يتبين لنا أن فن اللاشيء ممتع وجميل لا توجد فيه حدود أو حواجز والحد الوحيد فيه هو ضيق الأفق وسبخ الخيال وأكثر شريحة نلاحظ فيها الإبداع في هذا الفن هم الأطفال فكثيرا ما نجدهم يبتكرون أشياء لا تخطر على البال ويستخدمون الأدوات بطريقة ابتكارية بحتة ولذلك كان دائما ما يقال إنه لا يجب أن نقول للطفل كلمة \”لا\” حين يعرض فكرة ما حتى لا نضع حدوداً لخياله الواسع ومع هذا فكثير من أصحاب هذا الفن عرضة للانتقاد والتحطيم لأنهم غالبا ما يعرضون فكرة غريبة المظهر والمحتوى وقليل من الناس من يملك القدرة على تذوق الإبداع وتكون النتيجة تراجع الكثيرين منهم للأسف ويكون مصير الفكرة الوأد لأنه لم يستطع أن يحتمل كل ما يسمعه من تحطيم.
وأغلب من نجح في فن اللاشيء هم مصممو الأزياء فكثيرا ما نجد عروضا لأزياء غريبة لا يمكن أن تستخدم حتى كخرقة ، وهذا رأينا لأننا لا نستطيع أن نتذوق هذا الفن لكن إيمانهم بأنفسهم وتصديقهم للفن الذي يحملونه جعلهم من الأوائل في هذا المجال وهذه واحدة من الأشياء التى يجب أن يدركها أصحاب الفنون فإذا لم يصدقوا بأنفسهم كيف سيقنعون الآخرين بتصديقهم؟.
ولعل فقدان الكثير من الناس للثقة بأنفسهم هو السبب في تأخر الحضارات والشعوب فكل الفنون مصدرها لا شيء فقط الناس هم من قدروا لها قيمة وجعلوا لها سعرا .. فبتهوفن مثلا مات فقيرا لا يملك شيئا ومات دون أن ينال شهرة كافية وبعد موته أدرك الناس عظم إبداعه الذي أضافه إلى عالم الموسيقى ، فلو لم يكن مصدقا لنفسه لما صدقه أحد.
وفي النهاية علينا ألا نقلل من قيمة أي فكرة أيا كانت ولنتذكر أن كل شيء يبدأ صغيرا و ينتهي كبيرا إذا سمحنا له بذلك وعلينا أن نعرف أننا كلنا فنانون بالسليقة فقط لو أطلقنا لأفكارنا العنان.
كاتبة سعودية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *