فلتكن مساجد سويسرا بلا مآذن

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أ.د. محمود نديم نحاس[/COLOR][/ALIGN]

صوّتت الأكثرية في سويسرا (57%) ضد بناء المآذن. وهذا هو الجانب السيئ من الديمقراطية، حيث تستطيع الأكثرية أن تتخذ إجراءات ضد الأقلية، في حين لا يمكن في النظام الشوري الإسلامي أن يتم التصويت على حق من حقوق الإنسان. فأحد السلاطين العثمانيين أراد أن يأخذ أبناء غير المسلمين ليربيهم فيصبحوا مسلمين، لكنه لم يجد أحداً يعطيه فتوى بذلك. وحدثني رجل من بلاد الشام أن نصرانياً قال له: إن الأمويين أخذوا كنائسنا وحوّلوها إلى مساجد! فأجابه صاحبي: هذا غير صحيح لأنه غير جائز في الإسلام، والعهدة العمرية لأهل القدس نصت على \”أنهم آمنون على دمائهم وأولادهم وأموالهم وكنائسهم، لا تهدم ولا تسكن\”، إنما أجدادنا الذين بنوا الكنائس حوّلوها بأنفسهم إلى مساجد بعد أن دخلوا في الإسلام\”، فلم يحر محدثه جواباً.
إن المآذن صارت تراثاً إسلامياً، لكنها ليست من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. فهل يبتكر المعماريون والمهندسون المسلمون بناء يناسب البيئة المعمارية؟ أم سيصرّون على المآذن ويفتحون معركة جديدة؟ رغم علمي بأن اليمين لا يقصد المآذن بحد ذاتها.
لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم بيننا كيف كان سيتصرف؟ هل يستطيع علماء السيرة النبوية أن يستنبطوا موقفه المتوقع في مثل هذه الحالة؟ أم سينقسمون إلى حمائم وصقور؟ فيقول الأولون: إنه طاف بالبيت والأصنام فيه، ويقول الآخرون: لا مهاودة في هذا الأمر! أم سيتفقون على رأي واحد وهو أن على المسلمين في أي بلد أن يركزوا على زيادة مؤيديهم ولا يدخلوا في أي معركة جانبية، مادامت ليست متعلقة بالعقيدة؟
إن اليمين المتطرف يمثل أقلية لا تصل إلى خمسة بالمائة، فكيف استطاع التأثير على 57%؟ فهل قصّر المسلمون ومؤيدوهم في التواصل مع الناس لإيصال وجهة نظرهم؟
المتطرفون اليمينيون يغذيهم ما يقرؤون عن الإسلام. فهل سيأتي اليوم الذي يقوم فيه المسلمون في الغرب بتمحيص الكتب المدرسية وغيرها، ثم يقدمون دعاوى للمحاكم ضد ما هو عنصري؟ وهل سيحاولون الحصول على تشريع يجرِّم كل ما هو ضد الإسلام، كالتشريعات الخاصة بمعاداة السامية وإنكار المحرقة. وأنصحهم أن يبدؤوا بدعوى تطالب بأن يشمل قانون معاداة السامية معاداة المسلمين أيضاً، فنحن ساميّون!
إن تصرفات بعض المسلمين تثير العداوة. وقد أظهر برنامج عن كوكب اليابان كيف يضع اليابانيون أحذيتهم عندما يخلعونها في النوادي، وكيف يضع المسلمون أحذيتهم عندما يخلعونها على باب المسجد في اليابان. فهل في تقليد اليابانيين في هذا التصرف حرج شرعي؟
لكن وضع الأحذية ليس أسوأ مما عمله طبيب عربي توضأ في المستشفى في بريطانيا فانزعج طبيب إنجليزي عندما رآه يغسل قدميه في حوض المغسلة الذي يستخدمه الإنجليز لغسل وجوههم. فقال العربي: أنا أغسلهما خمس مرات في اليوم وأنت تغسل وجهك مرة، فهما أنظف من وجهك! فأي صلة أبقى مع زميله؟ وإلى أي تطرف دفعه؟
كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *