عرفني معالي الاخ الشيخ عبدالله محمد علي رضا، وكيل وزارة الخارجية للشؤون الاقتصادية والثقافية الاسبق على الزميل السفير (بكر عباس خميس) في مكتبه بمقر وزارة الخارجية – الديوان العام الرئيسي في مدينة جدة إذ كنت اعرض بعض ما كلفني به معاليه من عمل خاص به يتعلق بالتعليق على تقارير اقتصادية اجنبية (عربية/ امريكية) اغلبها في موضوع النفط، وابدى – بكل حرية – ما آراه – انا شخصياً وكان معاليه يسعد اشد السعادة بذلك، ودائما يردد – جزاه الله خيراً – انت يا ابني موظف نجيب! فيزيدني حماسة في ان لا انظر الى هذه التقارير التي في يدي من فوق، وانما من تحت! حتى لو كان محرروها شخصيات بارزة من دول غربية او من مراكز مؤسسات دراسات وابحاث او استخباراتية؟ وكان محور نقاشنا في ذلك اليوم، والزميل بكر خميس حاضرا بيننا تقرير نفطي طويل (أكثر من الف واربعمائة صفحة) يتوقع احتياطيات دول الخليج عامة, واحتياطيات البترول في هذا الوطن خاصة ضعيفة وسنوات قليلة تنفد! وتشم من رائحتها سما مدسوسا هدفه انزال اقسى عقوبة احباط وهبوط!
اشرت بايجاز شديد ان هذه التقارير اغلبها غير نزيهة، ويفضل عدم الركون اليها كمؤشر لمعرفة حجم احتياطيات المنطقة العربية بأسرها لانها لا تساير ما هو منشور بالفعل من احصاءات صادرة بعضها من الجهات الوطنية الرسمية في هذه الدول او الهيئات النفطية التي تتابع عن كثب من مصادرها الموثوقة فيها كشركة (ارسكو) ارامكو السعودية، ومنظمة (اوابك) ومنظمة (اوبك) فانبهر الشيخ عبدالله.. والتفت موجهاً حديثه الينا: يا اخ بكر لولا نجابة الاخ ذاكرا اسمي الاول ومقاربته الدقيقة لما تضمنته التقارير الاخرى، والتقرير مدار الحديث لصدقت ما جاء فيها لانها شركات نفط غربية كبرى! شكرت معاليه وتركتهما وشأنهما، واغلقت مكتبه بهدوء، وذهبت الى مكتبي.
ولم تمض ثلاثة ارباع الساعة، وانا منهمك في تقييم (خبراء الامم المتحدة) على ضوء ما لدي من معلومات مرفقة وتواضع حصيلتهم التعليمية ومهاراتهم في مجال الحقول التي يعلمون فيها واقترحت في العرض الذي سأقدمه لمعاليه بالاعتذار بطريقة لبقة عبر الوفد في المقر الرئيسي للامم المتحدة في نيويورك! لان مقر البرنامج الانمائي هناك.
وفي هذه الاثناء طرق باب مكتبي السفير بكر قائلاً: احببت اعرف ماذا تم في موضوع الخبراء المقترحين من قبل شعبة الخبراء!
اشرت يفضل الاعتذار لهم لانهم يفتقرون الى المهارات التي تطلبها الجهات الحكومية وفقا لما جاء في سيرهم الذاتية!
التفت الي طالباً الجلوس بالكرسي الدوار الذي بجوار مكتبي، فاذنت له – بكل اريحية، وطلبت ان يجلس على مكتبي، فرفض، واطلع على مبرراتي المطبوعة فبادر قائلا – يرحمه الله – بارك الله فيك، شعرت الآن ان ثناء معاليه عليك لم يأت من فراغ!
واضاف قائلا: معاليه اشار بانه سيعلي من وظيفتك الحالية الى مرتبة اعلى! كما انه اشار ستأخذ وضعك الطبيعي بمجرد النقل الى الرياض، فهو ممنون منك كثير!
اشرت ان ما ذكرته ابلغني به، وما دام ان نقله اليك فهو صادق – وان شاء الله – سأكون عند حسن ظنه بي.
اعاد اليّ – رحمه الله رحمة واسعة – العرض الذي سأقدمه لمعاليه بارتياح مضيفا كم انا سعيد بمعرفتك، وبما سمعته من ثناء على ما تؤديه من عمل خاصة آرائك الشخصية واسلوب تعاملك مع معاليه!
شكرته شكراً جزيلاً على ما ابداه من مشاعر طيبة نحوي وما نقله عن معاليه، في ما يتعلق بترقيتي الى مرتبة اعلى من مرتبتي – آنذاك.
تغمد الله الفقيد بواسع رحمته واسكنه فسيح جناته والهم اهله وذويه واسرته الصبر والسلوان.

“إنا لله وإنا إليه راجعون”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *