صلتي بفقيد علم العروض والشعر والادب الاخ الدكتور محمد اسماعيل جوهرجي صلة العاشق لشعره الذي يتصف بالسلاسة والتميز لما يملكه من قامة مرهفة، وادباً متقناً يتدفق كالنهر في اكثر ما كتبه في الشعر المقفى وفي علم العروض – ولا يزال – مؤلفه الفريد (التقطيع العروض للمعلقات العشر)، ماثلا للعيان ويقف شامخاً في بابه لتمكنه من علم العروض (علم عروض الخليل بن احمد الفراهيدي).
وقد صدق حينما اشار لم يسبق ان اقدم عليه احد على مر السنين ربما لصعوبته وربما لجفافه لما يتطلب منه دربة وجدة وشفافية تمكن صاحبه من الخوض فيها.
وقدر مؤلفه في علم العروض فراغاً في الساحة الادبية والاكاديمية خاصة وانه استغرق تأليفه (476) ساعة.
ويعد هذا المؤلف من المؤلفات المتعمقة لما بذله من جهد معرفي في تقطيع (الابيات) في المعلقات العشر تقطيعاً عروضياً حرفياً وما يعتريها من علل.
كما انه يعد دراسة علمية في موسيقى الشعر العربي الفصيح في الجانب العروضي لا يستطيع على انجازه أي باحث الا من اتقن علم العروض وتبحر فيه ومعرفته المتعمقة بالنحو المعروفة في الشعر العربي الفصيح: الطويل والكامل والبسيط الوافر، الرمل الخفيف، السريع، الرجز والمقارب.
صرح في قصيدة بعنوان: مكتي.. وشلال الضياء، هذا نصها:

قم حي مكة وارسم ناعم الكلم
يا ايها الشاعر الفريد في الحرم
حي الاباة شراة القوم مجتليا
معارف الشوق بالأشعار والنغم
من ارض مكة شع النور مؤتلفا
وجها يجلى عتام الليل والسلام
هذا حراء على مرأى يطالعنا
قنديل ضوء يفيض النور للامم
قد خصه الله بالتنزيل فانقشعت
سود الغمائم في الامصار والتخم
وجاء جبريل بالآيات معجزة
اقرأ محمد قول الحق واستلم
فراح يركض في خوف وموجلة
لما تغشاه من نور ومن عظم
قالت : خديجة هل تخشى مجانفة
وانت في الناس تقري الضيف من عدم؟
وانت في الناس اخلاق مطهرة
وصوت عدل وبيت فارع الشمم
جاءت لورقة تحكي أمره عجباً
فقال: لا ضير يا ابن السادة والشهم
هذا هو الحق قد بانت دلائله
فاستلهم النور في رفق وفي حمم
ياليت أني أعيش العمر أطوله
حتى أرى النور شفافاً على الاطم
قد جاء ذكرك في التوراة مستبقا
يحكي بانك نور الحق في الظلم
من مهبط الوحي فاض النور منتشراً
يهدي الخلائق من عرب ومن عجم
قومي همو الصيد أهل العلم معرفة
والنبل والرشد والادراك والفهم

التقيت به عدة مناسبات فكان رجلا متابعاً جيداً لما يكتب على المشهد الصحفي قارئاً وناقدا بادرني في آخر مناسبة رأيته فيها: انقطعت بعض الوقت عن ممارسة هوايتك المفضلة وهي: الكتابة:
واضاف : اعرف انشغالك ولكن لابد ان تحرص على مواصلة الكتابة وحاول ان لا تنقطع عنها فهي متعة في فضفضة ما يجول في خاطرك فانت – ما شاء الله – تضع الفكرة وتذهب بعيداً لوضع النقاط على الحروف .. كما يقال:
وعندما اشرت له بانني سأفعل بما ابداه نحو ضرورة مواصلة الكتابة في الصحف : شعر بارتياح تام بادرني ما هو جديدك في ميدان البحث العلمي؟ اشرت في العولمة: مخاطر وتحديات وامبراطورية العولمة، واقتصاديات التسلح العالمي.
قاطعني قائلا: موضوعات الساعة – يا رجل – بارك الله فيك..
واضاف : ارجوك المواصلة فاختياراتك دقيقة.. وما اقرأه شخصيا لك في جريدتي البلاد والجزيرة والندوة سابقاً تنمي عن سعة اطلاعك في مختلف حقول المرعفة.
شكرته على هذه الاريحية والتشجيع والدعم ووعدته بتحقيق ما طلبه مني فودعني وداعاً حاراً متمنياً لي التوفيق.
رحم الله فقيد الادب واللغة رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته والهم اهله الصبر والسلوان.”إنا لله وإنا إليه راجعون”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *