[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبدالحميد سعيد الدرهلي[/COLOR][/ALIGN]

لا يختلف اثنان على ارض الواقع اليوم في أن الشباب فيها يعاني من ازمات ومشكلات متراكمة داخل نفسه، وفي واقعه الذي يعايشه، وما ذلك الا لقصور وفشل في المناهج التربوية عن تدارك ما يتطلبه هذا الشباب، باعتباره كائناً يحتاج الى متطلبات ومناهج تغذي فيه الروح، والعقل والجسم، وتربط ذلك كله بغايته وهدفه بخالقه عز وجل، ولقد ساهم ضياع الهدف وعدم وضوحه في ضياع هذه القوى من الطاقات المعطلة والذي ساعد على ضياع الهدف ذلك الفراغ الرهيب الذي يعيشه شبابنا اليوم، فمما لاشك فيه انه اذا زاد الوقت عن الواجبات واصبحت الواجبات تشكل حيزاً صغيراً في مساحة الوقت الممتد حينئذ يقال إن هناك فراغاً، ويعيش شبابنا هذا الفراغ بشكل ضيق خلال العام الدراسي، ويعتبر مشكلة حقيقية في الاجازات حيث يجد الشباب مساحة من الوقت كبيرة واسعة، ولا يجد ما يملأها به من خير العمل وجيده، وقد يكون هذا الفراغ قاتلاً، وكما يقال: الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك.
وربما يدور في اذهان بعض الناس لحل مشكلة فراغ الشباب ان يحاول السفر الى بلاد أرحب أرضاً، وهناك يحاول الشباب ان يملأ الوقت الى حد كبير، ونظن بعد ذلك اننا قد حللنا مشكلة الفراغ بينما نحن في حالات كثيرة قد زدنا المشكلة تعقيداً، ذلك ان هذا الشباب بسفره يخالط تصورات وافكارا واوضاعا اجتماعية، واعراقا وتقاليد قد تختلف اختلافاً كلياً عما يقابله في بلده الام، ناهيك عن مسالك الانحرافات الخلفية هناك.
إن هذه التصورات والافكار والاوضاع تحتاج في مواجهتها الى تصور مستقل، وشخصية قيادية صلبة تستعصي على الذوبان وحقيقة ان شبابنا ما لم يكن مسلحاً بسلاح الايمان الواعي، والفهم الصحيح لإسلامه، فإنه لن يقوى على مواجهة تلك الاوضاع الفكرية والاجتماعية وسيصبح واحداًَ من زمرة تلك المجتمعات, ويحس حينئذ بتفوق ذلك المجتمع وبالتالي يعود الى وطنه عودة المهزوم الذي يريد ان يعكس تصورات وافكار واوضاع تلك المجتمعات الى مجتمعه وواقعه، ويبدأ يحكي ما شاهد وماعايش، وينقل تلك الصور التي غالباً ما تكون صوراً مشينة الى اقرانه من الشباب، مما يحدث البلبلة والفوضى الخلقية والفكرية عندهم، وبعدها تبدأ حلقة جديدة من الصراع الجديد بين اكثر من فكر ومن تصور ومن واقع، وتنشأ من مشكلة الفراغ مشكلة انحراف، وما كان ذلك ليكون لو اننا عالجنا هذا الشباب فسلحناه بتصور اسلامي رشيد يكون كفيلاً بالدفاع عنه وانقاذه.
والى جانب هذا التسليح الايماني بإمكان الدولة ان تستوعب شطراً كبيراً من اوقات الشباب دون ان نضطره الى التعرض للضغوط الصعبة والمعاناة القاتلة وذلك ببناء المعسكرات الكشفية الجادة وتكثيف الانشطة الهادفة من رياضية واجتماعية وغيرها، والتي تكون مجالاً خصباً لاكتشاف العناصر الموهوبة وتكريس هذه المواهب وتنميتها لتنتج خير العمل وأحسن الثمر.هذا اردنا الشباب القادر على تحمل المسؤولية ليكون صاحب قرار منذ نعومة اظفاره وامتنا بحاجة أكيدة وماسة الى طاقات الشباب الفكرية والجسمية والاجتماعية لتسهم في التنمية الشاملة في مختلف جوانبها بشرط ان نحسن التربية والتوجيه القائم على الايمان بالله، والانتماء الحقيقي للامة والوطن وترسيخ قيمة المواطنة الصالحة في نفوسهم مع اعادة النظر في منظومة المناهج والرؤى التربوية الحالية.
مدير عام وزارة التخطيط/ متقاعد
فاكس 6658393

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *