[COLOR=blue]ياسمين خلف[/COLOR]

لا أحد منا خال من الهموم والمشاكل، ولا أحد منا كذلك يدّعي أنه لا يحتاج إلى أذن تسمعه، ولسان يرشده إن فقد القدرة على مواصلة حياته، وسقطت كل أسلحته في مواجهة مشاكله، فمهما كابر الواحد منا، سيبقى إنسان له سقطات، ويمر بمراحل ضعف تجبره على أن يستنجد ويطلب المساعدة، ولكن هل نترك عملية طلب المساعدة تلك عشوائيةً لدرجة تجيز لأي منا أن ينشر غسيل \”حياته\” لأي عابر سبيل؟
أعذر البعض أحياناً، وأقول بيني وبين نفسي \”فاض به الكيل، ولم يعد يعي ما يقول ولا لمن يقول، فدعيه \”يفضفض\” ربما يتخلص من حمل أثقل ظهره وأتعب نفسيته طويلاً، لعله بعد تلك الفضفضة يرتاح\”، ولكن مهلاً، هل جميع الناس ستعطي أخينا هذا العُذر؟ أم أن البعض سيستغل ضعفه، ويطعنه في ظهره، إن وجد فرصة لذلك ويشهر به إن عرف هويته؟ خصوصاً في مجتمعاتنا الخليجية، التي وكما نقول بلهجتنا الدارجة \”الكل يعرف بعض\” أو \”الكل يعرف الكل\”، فما إن تتحدث عن فلان حتى تجده يقرب لفلان، بل ربما يقرب لك أنت أيضاً دون أن تعرف ذلك، فجميعنا أهل إن بحثنا في الأصل والفصل!
في الدول الأجنبية هناك مراكز تستقبل اتصالات \”من فاض بهم الكيل\” وبحاجة إلى من يسمعهم، مراكز لو وجد لها \”أخوة\” في بلداننا الخليجية، لوجدنا جزءًا من حل هذه المشكلة، فالأبحاث النفسية تؤكد أن جزءًا كبيراً من حل المشكلة يكمن في البوح بها، خصوصاً عندما يجد صاحبها الأذن التي تسمعه، سواءً قدمت إليه الحل أم لا، المهم أن يخرج ما في قلبه، والتعامل بحكمة مع تلك \”الفضفضات\”، ولا ضير أبداً أن يلجأ الواحد منا إلى من يعتقد بأنه يملك القدرة على التعامل مع تلك المشكلات، أو يملك خيطاً ولو كان رفيعاً رقيقاً يساعده في التوصل للحلول، ولكن ليس بالطبع لأي شخص، كأن يكون متابعاً لك على برنامج الفيسبوك، أو الإنستقرام. فلا ننسى أنه ليست كل الأسماء حقيقية، وليست الهويات هي ذاتها على أرض الواقع، فالحذر مطلوب.
أن تكون صحافياً يعني أن تقابلك الكثير من حالات \”الفضفضة\”، أبطالها لا يسعون وراء النشر بقدر ما يسعون إلى شخص يثقون به، حتى وإن لم يقابلوه قط في حياتهم، وعلاقتهم بالصحافي لا تتعدى أحرف تُكتب وراء الكيبورد، أو أحرف يقرأونها له في وسيلته الإعلامية ووسائل التواصل الإجتماعي، فغالباً ما يرفع القارئ سماعة هاتفه ليحكي قصة حياته، ويختتمها بقوله \”ما قلته ليس للنشر، فقط كنت قد أحببت أن أفضفض وأنا أثق بك\”!

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *