[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]نوف أنور [/COLOR][/ALIGN]

مرت عدة أشهر لا أتواجد فيها بمجالس العزاء والفرح بعيدة كل البعد عن تأدية واجباتي الاجتماعية ليس لدي عذر أو سبب معين، ولكن وجدت أن مجالس الحزن، والفرح متشابهة في التفاصيل مختلفة في المضامين، الثرثرة واحدة، والفرق هنا وجوه شاحبة، وهنا وجوه ملونة هنا بكاء بصوت عالٍ، وهنا ضحكات عالية.. لذلك أجد أنني مخيرة بين قائمة الأحزان والأفراح التي تندرج في \”مينيو الحياة.\”.. فالحياة تستمر بين (عزاء تايم) تتحول فيه الصور الى سواد، و(فرح تايم) تتحول فيه إلى قوس قزح.رغم أنه لعبة الكلمات والحروف لعبتي إلا أنني أجد نفسي ،في كثير من الأحيان غير قادرة عن التعبير لمشاعر تختلجني، فمشاعر الحزن والفرح تختلط كل يوم أمام مشاهد ومواقف تحدث أمامي، وفي كل ثانية تتبدل الأخبار بين الفرح والحزن حتى وجدت نفسي لا أعرف أي هيئة يجب أن أكون عليها هل أقسم نفسي الى نصفين؟، لذلك أدركت أنني يجب ألا أتاثر بما يحدث حولي، وأعيش تفاصيل حياتي طبيعية لا يهم ما يلمسه الآخرون سواء حملت مشاعر حزن أو فرح، ففي الحالتين لن تتوقف الألسن عن الحديث فطبيعة البشر الثرثرة.توقفت منذ أيام أمام صورة طفلة جميلة ترتدي \” فستاناً ملوناً\” أعجبتني تفاصيله الملونة حمل عدة ألوان، وجدت نفسي أمام ابتسامة أمل ترسمها لي، فوجدت أن الحياة جميلة كفستانها، فقد منحتني ابتسامة الفرح كلما شاهدتها، وتأملت صورتها.الحياة لا تخلو من الأحزان، وفراق من نحب، فعندما نرسم تفاصيل الحزن في حياتنا وتبقى وجوهنا شاحبة، وألواننا معتمة لا يعني هذا وفاء لمن نحب \”ألوفا\” هو أن تستمر الحياة ونعيشها بتفاصيلها الجميلة، وبألوان هذا الفستان الجميل أعلم أنكم لا تشاهدونه وأنتم تقرأون كلماتي ولكن يمكن أن أصفه لكم، حمل تفاصيل هندسية جميلة حملت مختلف ألوان الفرح.
فأصعب الحزن عندما نشارك من نحب أفراحهم، وفي داخلنا حزن لفقيد، ولكن بالرغم من ذلك نحاول أن نزرع الابتسامة، والأمل لمن حولنا لا يعني عندما نضع أحمر الشفاه ، ونرتدي الألوان أننا نسينا من فقدناهم لا يعني من جهز حقيبته للسفر نسيان من يحب ،لايعني من أقبل على فكرة الزواج بعد ممات زوجته أنه نسي من شاركه الحلوة والمرة ،لايعني من ارتدت اللون الأبيض بعد ترملها أنها نسيت زوجها ،عندما نفتح الأبواب، ونودع مقتنيات من فارقنا ونبعد رائحته وأغطيته ونلملم كل مايخصه ونتصدق به لايعني ذلك أننا نحاول نسيانه.
رسالتي لمن فقد عزيزاً على قلبه أم، أب، أخ، أخت، جد، جدة، زوج، زوجة، صديق..الخ، أعلم أنه من الصعب على الإنسان أن يتقبل فكرة فقدان عزيز على قلبه خاصة عندما تفقد أحداً معناه أن تكون العين بلافائدة حين تستيقظ ولاترى من تحب أمامك، الموت حق، وهو أمر ثابت من ثوابت الحياة، فلكل أجل كتاب ومهما عمَّر الإنسان في هذه الدنيا فإنه لامحال راحل، وسوف يترك خلفه أحبة يتألمون لفقده، ويحزنون لرحيله. إننا نعرف هذا كله ولكن لانعرف ماهي المشاعر التي تصيب كلاً منا عندما يتعرض لموقف موت عزيز عليه في بعض المجتمعات يأخذ التعبير عن الحزن طقوساً مبالغاً بها، حتى إنه يتم تأجير نائحات للبكاء والعويل وإضفاء طابع أكثر حزناً بل إنه في بعض المجتمعات يتم تأجير من يشق الجيب ويلطم الخدود وينكث الشعر تعبيراً ، وأحمد الله أن هذه الصور لا أجدها في محيط مجتمعنا الخليجي، باختصار ما يحدث هو أن ملامح الوجوه تتبدل بعد ساعات من موت الفقيد، وفجأة تقف الدموع وتبدأ ترتسم الابتسامة ونتناول موضوعات الحياة وقد نصل للحديث عن مناسبة فرح سنقوم بحضورها.
أتذكر موقفاً لامرأة تزوجت من \”رجل أرمل\” أول ما قامت به أنها وضعت المزهريات المحملة بالورود الحمراء في زوايا المنزل كان الجميع يتأمل المكان بالتعليقات والضحكات أدركت اليوم أننا عندما نفقد من نحب فإننا بحاجة أن نلون المكان، ونحييه حتى نزيل كومة الحزن التي تحوم حولنا باختصار هذه الحياة يجب أن تستمر وتلون كالفستان الملون.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *